للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلًا" قال: صدقت! قال: فعجبنا له يسأله ويصدّقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: "أن تؤمن باللَّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: "أن تعبد اللَّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" قال: فأخبرني عن السّاعة، قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" قال: فأخبرني عن إمارتها، قال: "أن تلد الأمة ربَّتَها، وأن ترى الحفاة العُراة العالة رِعاء الشاءِ يتطاولون في البنيان".

قال: ثم انطلق فلبثتُ مليًّا، ثم قال لي: "يا عمر، أتدري من السائل؟ " قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٨) من طرق عن يحيى بن يعمر، قال: "أوّل من قال في القدر بالبصرة معبد الجهنيّ، فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحميري حاجَّيْن أو معتمرين. فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألناه عمّا يقول هؤلاء في القدر، فوُفِّق لنا عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب داخلًا المسجد فاكتنفتُه أنا وصاحبي، أحدُنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أنّ صاحبي سيكل الكلامَ إليَّ فقلتُ: أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قِبلنا ناسٌ يقرأون القرآن ويتقفَّرون العلم، وذكر من شأنهم، وأنَّهم يزعمون أن لا قدر، وأنّ الأمر أُنُفٌ؟ قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أنّي بريءٌ منهم، وأنّهم برآءٌ مني، والذي يحلف به عبد اللَّه بن عمر: لو أنّ لأحدهم مثلَ أُحُدٍ ذهبًا فأنفقه ما قبل اللَّه منه حتى يُؤْمنَ بالقدر، ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال، فذكر الحديث.

قوله: "فاكتنفته أنا وصاحبي" يعني صرنا في ناحيتيه، وكَنفَا الطائرِ: جناحاه.

وقوله: "يتفقّرون العلم" أي يتبعون أثره ويطلبونه، والتفقّر: تتبع أثر الشيء.

وقوله: "إنّ الأمر أُنُف" يريد مستأنف لم يتقدّم فيه قدر ولا مشيئة، يقال: روضةٌ أُنُفٌ: إذا لم تُرْعَ، وأنفُ الشيء أوله.

قال البغويُّ رحمه اللَّه تعالى: "جعل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديث الإسلام اسمًا لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسمًا لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلّها شيء واحد وجماعُها الدِّين، ولذلك قال: "ذاك جبريل أتاكم يعلّمكم أمر دينكم" والتصديق والعمل يتناولهما اسم الايمان والإسلام جميعًا، يدل عليه قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [سورة آل عمران: ١٩]، {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة: ٣]، وقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>