فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه فتام. فاستيقظ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجبُ الشّمسِ، فقال: "يا بلال أين ما قلت؟ " قال: ما ألقيتْ عليَّ نومةٌ مثلها قط. قال: "إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال قم فأذِّن بالناس بالصلاة" فتوضأ، فلمّا ارتفعتِ الشّمسُ وابياضَّتْ قام فصلَّى.
متفق عليه: راوه البخاريّ في المواقيت (٥٩٥) وبوَّب عليه بقوله: الأذان بعد ذهاب الوقت، واللّفظ له، ومسلم في المساجد (٦٨١) مفصلًا وفيه: ثم أذَّن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداةَ فصنع كما يصنع كل يوم، كلاهما من أوجه عن أبي قتادة.
فقوله: "صنع كما يصنع كلَّ يوم" قد يُفهم منه الإقامة إذ لم تذكر في الحديث.
وفي حديث عمران بن حصين الذي سيأتي تصريح لذكر الإقامة، فإنه كان مع الركب في تلك الليلة كما يدل عليه حديث مسلم وفيه: قال: فقال عبد الله بن رباح: إني لأحدِّث هذا الحديث في مسجد الجامع، إذ قال عمران بن حصين: انظر أيها الفتي كيف تحدث، فإني أحد الركب تلك الليلة؟ قال قلت: فأنت أعلم بالحديث، فقال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار، قال: حدِّث فأنتم أعلم بحديثكم، قال: فحدثتُ القومَ؛ فقال عمران: لقد شهِدتُ تلك الليلة، وما شعرتُ أن أحدًا حفِظه كما حفِظتَه. انتهى.
قوله: حفظتُه - بضم التاء وفتحها وكلاهما حسن.
ومن لم ير الأذان للفائت حمل الأذان على الإقامة فهو بعيد، لأنه بعد الأذان توضأ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا ارتفعت الشّمس وابياضتْ قام فصلى، ولم يعهد أنه توضأ في يوم من الأيام بعد الإقامة.
• عن أبي هريرة في هذا الخبر - يعني قصة التعريس - قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلةُ" قال: فأمر بلالًا فأذَّن وأقام وصلَّى.
صحيح: رواه أبو داود (٤٣٦) عن موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا معمر عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
قال أبو داود: رواه مالك وسفيان بن عيينة والأوزاعي وعبد الرزّاق، عن معمر وابن إسحاق لم يذكر أحد منهم الأذان في حديث الزهري هذا، ولم يسنده منهم أحد إِلَّا الأوزاعي وأبان العطّار، عن معمر، انتهى.
قلت: ورواه أيضًا مسلم في المساجد (٦٨٠) من وجه آخر عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ولم يذكر فيه الأذان وإنما قال فيه: ثم توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بلالًا فأقام الصّلاة فصلَّى بهم الصبح، فلمّا قضى الصّلاة قال: "من نسى الصّلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [سورة طه: ١٤].
قال يونس: وكان ابن شهاب يقرؤها: (للذِّكْرَي).