ورواه أيضًا مسلم عن يحيى بن سعيد قال: حَدَّثَنَا يزيد بن كيسان، حَدَّثَنَا أبو حازم، عن أبي هريرة فذكر الحديث وفيه: ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم سجد سجدتين، ثم أقيمت الصّلاة فصلَّى الغداة.
فتبين من هذا أن ذكر الأذان في رواية أبان، عن معمر زيادة.
وأبان هو ابن يزيد العطّار أبو يزيد البصري ثقة، وثَّقه ابن معين وابن المديني والعجلي وغيرهم، وهو من رجال الشّيخين، فيجب قبول زيادثه. وإليه ذهب الإمام أحمد بأنه يؤذَّن للفائت ويقام له كما قال الخطّابي.
• عن أبي سعيد قال: شَغَلَنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتَّى غربتِ الشمسُ، وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [سورة الأحزاب: ] فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فأقام لصلاة الظهر فصلاها كما كان يُصليها لوقتها، ثم أقام للعصر فصلاها كما كان يُصَلِّيها لوقتها، ثم أذَّن للمغرب فصلَّاها كما كان يُصَلِّيها في وقتها.
صحيح: رواه النسائيّ (٦٦١) عن عمرو بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا يحيى (يعني ابن سعيد القطان) قال: حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب، قال: حَدَّثَنَا سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه فذكر الحديث.
وإسناده صحيح ورجاله ثقات، والذي رواه الشافعي في الأم (١/ ٨٦) عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب به، فيه ذكر لأربع صلوات وهي بزيادة صلاة العشاء، وفيه تفصيل لقوله: قبل أن ينزل في القتال - وهي صلاة الخوف {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [سورة البقرة: ٢٣٩].
قال الشافعي: "وبهذا كله نأخذ، وفيه دلالة على أن كل من جمع بين صلاتين في وقت الأوّلى منهما أقام لكل واحدة منهما، وأذَّن للأولى، وفي الآخرة يقيم بلا أذان".
وهذا الحديث رواه كل من الإمام أحمد (٧١٨٩) وابن خزيمة (٩٩٦) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، ولكن لم يذكر أحد منهم الأذان في أول الصّلاة، إِلَّا أن يفهم من قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه دعا بلالًا فأمره (أي أن يؤذن) فأقام الظهر - أي بعد الأذان ويبدو أن هذا الذي فهمه النسائيّ فبوَّب بقوله: الأذان للفائت، والبغوي فبوَّب في "شرح السنة" (٣/ ٣٠٢) الأذان للفائة والإقامة لها.
ولكن قال البيهقيّ (١/ ٤٠٢ - ٤٠٣) رواه الشافعي في القديم عن غير واحد عن ابن أبي ذئب لم يُسَمَّ أحدًا منهم وقال في الحديث: فأمر بلالًا فأذَّن وأقام فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
ثم قال البيهقيّ: "هكذا رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه في هذه القصة في إحدى الروايتين عنه، إِلَّا أن أبا عبيدة لم يدرك أباه وهو مرسل جيد".
قلت: وهو كما قال فإن حديث عبد الله بن مسعود فيه انقطاع، رواه الترمذيّ (١/ ٣٣٧)،