ونقل البيهقيّ قول أبي داود وأقرَّه وقال بعد ذلك: وروي في الاستفتاح: "سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، حديث آخر عن ليث، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه مرفوعًا، وليس بالقويّ، وروي ذلك مرفوعًا عن حميد عن أنس، وروي من وجه آخر عن عائشة، وأصح ما روي فيه الأثر الموقوف على عمر بن الخطّاب، ثمّ رواه عن شيخه الحاكم أبي عبد الله. انتهى.
وحديث جبير بن مطعم أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصّلاة قال: "الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا - ثلاث مرات. اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الشّيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه".
رواه أبو داود (٧٦٤) وابن ماجة (٨٠٧) وأحمد (١٦٧٨٤)، والبيهقي (٢/ ٣٥) كلّهم من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزيّ، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة. قال عمرو: لا أدري أي صلاة هي؟ فقال: "الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا - ثلاثًا، أعوذ بالله من الشّيطان من نفخه ونفثه وهمزه.
قال: "نفثه": الشعر. ونفخها: الكبر. وهمزه": الموتة.
وعاصم هو: ابن عمير العنزيّ، تفرّد بالرواية عنه عمرو بن مرة، ولم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في الثّقات كعادته في ذكر المجاهيل، وقد اختلف في اسمه أيضًا مما يدل على أنه لم يكن معروفًا عند المحدثين.
وفي الباب أيضًا حديث أنس، رواه محمد بن الصلت، عن أبي خالد الأحمر، عن حميد، عن أنس، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في افتتاح الصّلاة "سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك".
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "هذا حديثٌ كذِب، لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به، وقد كتبت عنه". (العلل: ٣٧٤).
فمن نظر إلى مجموع هذه الأحاديث قال: إنَّ بعضها يقوي البعض، ويصير حسنًا لغيره. ويؤيده أثر عمر بن الخطّاب.
وقد روي أيضًا بإسناد صحيح عن ابن مسعود إِلَّا أنه لم يذكر فيه: "افتتاح الصّلاة" وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحبَّ الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وإنَّ أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرّجل للرجل: اتقِّ الله. فيقول: عليك نفسك".
رواه النسائيّ في العمل اليوم والليلة" (٨٤٩) عن محمد بن يحيى بن محمد، قال: حَدَّثَنَا محمد بن سعيد بن الأصفهانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التيميّ، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا.
وإسناده صحيح، ومحمد بن سعيد بن سليمان أبو جعفر بن الأصفهاني وإن كان "ثقة ثبتًا" كما في