للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال: قوله: "فانتهى الناس" من كلام الزهري.

وقد رجّح البخاريّ أن يكون ذلك من كلام الزهري كما قال أبو داود، وهو الذي رجَّحه أيضًا البيهقيّ في "معرفة السنن" و"السنن الكبري" (٢/ ١٥٧، ١٥٩) لأن أبا هريرة نفسه كان يُفتي بقراءة الفاتحة في نفسه خلف الإمام سواء جهر فيها الإمام أو أخفى.

• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبِّرُوا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا".

حسن: رواه أبو داود (٦٠٤) مختصرًا، والنسائي (٩٢١)، وابن ماجة (٨٤٦) واللّفظ له، كلّهم من طريق أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكر الحديث.

قال أبو داود: وهذه الزيادة "إذا قرأ فأنصتوا" ليست بمحفوظة، والوهم عندي من أبي خالد. انتهى. انظر للمزيد: "القراءة خلف الإمام للبيهقي" (ص ١٣٣، ١٣٤).

قلت: اختلف أهل العلم في هذه الزيادة، فذهب كبار أئمة الحديث مثل البخاريّ وأبي داود وأبي حاتم وابن معين وابن خزيمة وغيرهم إلى أنها لا تصح، ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ليست هذه الكلمة محفوظة، هي من تخاليط ابن عجلان". وممن صحَّح هذه الزيادة الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

فقد قيل له: "أصحيح هو؟ قال: نعم، قيل: لم لم تضعه هنا؟ فقال: ليس كلُّ شيء عندي صحيح وضعتُه هنا، إنّما وضعتُ هنا ما أجمعوا عليه" صحيح مسلم ٣٠٤: ٦٣).

وأمّا قول أبي داود: الوهم عندي من أبي خالد فرد عليه المنذري وغيره بأن أبا خالد - وهو سلمان بن حيان ثقة، احتج به الشيخان، كما أنه لم ينفرد بها، بل تابعه محمد بن سعد الأنصاري وهو ثقة عند النسائيّ (٩٢٣).

قال النسائيّ: كان المخرمي يقول: هو ثقة، يعني محمد بن سعد الأنصاري.

وعلى فرض ثبوته لابد أن نفسر الحديث حتَّى لا يتعارض بعضه ببعض، فقوله: "وإذا قرأ فأنصتوا" أي استمعوا إلى قراءته، ولا تقرأوا إذا قرأ، فإذا سكت فاقرؤا، لأنه ثبت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتين، مكتة بعد التكبير، وسكتة بعد قراءة سورة الفاتحة.

واستحبه صاحب المغنيّ، ونقل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب. المغني (١/ ٢٦٦).

قلت: وهذا من أحسن أوجه التوفيق، جمعًا بين الأحاديث الصحيحة في قراءة سورة الفاتحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>