فأعرض علينا، قال: فقال "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصّلاة أعتدل قائمًا، ورفع يديه حتى يُحاذِيَ بهما منكبَيْه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يُحاذِيَ بهما منكبيه، ثمّ قال: الله أكبر، وركع، ثمّ اعتدل، فلم يُصَوِّبْ رأسه، ولم يُقْنِع، ووضع يديه على ركبتيه، ثمّ قال: سمع الله لمن حَمِده، ورفع يديه واعتدل، حتَّى يرجعَ كلُّ عظْمٍ في موضعه معتدلًا، ثمّ أهوَى إلى الأرض ساجدًا ثمّ قال: الله أكبر، ثمّ جافى عَضُديه عن إِبْطَيه، وفتح أصابع رجليه، ثمّ ثني رجله اليُسْرَى وقعد عليها، ثمّ اعتدل، حتَّى يرجعَ كل عظْمٍ في موضعه معتدلًا، ثمّ أهوى ساجدًا، ثمّ قال: الله أكبر، ثمّ ثنى رِجْلَه وقعد، واعتدل حتَّى يرجع كل عظمٍ في موضعه، ثمّ نهض، ثمّ صنع في الركعة الثانية مثل ذلك حتَّى إذا قام من السجدتين كَبَّر، ورفع يديه حتى يُحاذِيَ بهما منكبَيْه كما صنع حين افتتح الصّلاة، ثمّ صنع كذلك حتَّى كانت الركعة التي تَنْقَضِي فيها صلاتُه أخَّر رجله اليُسرى وقعد على شِقِّه مُتَورِّكًا، ثمّ سلم".
صحيح: رواه أبو داود (٩٦٣)، والتِّرمذيّ (٣٠٤)، والنسائي (١٠٣٩)، وابن ماجة (٨٦٢) كلّهم من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، ثنا محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حُميد السَّاعدي فذكر الحديث، واللّفظ للترمذي وقال: حسن صحيح، ولفظ النسائيّ مختصر، وسبق ذكر الحديث في باب رفع اليدين في الصّلاة. وصحَّحه ابن حبَّان (١٨٧٠).
قال الحافظ في التلخيص (١/ ٢٢٣): "وأعله الطحاويّ بأن محمد بن عمرو لم يدرك أبا قتادة قال: ويزيد ذلك بيانًا أن عطاف بن خالد رواه عن محمد بن عمرو وقال: حَدَّثَنِي رجل أنه وجد عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسًا ثمّ نقل قول ابن حبَّان وقال: والسياق يأبي ذلك كل الإباء، والتحقيق عندي أن محمد بن عمرو الذي روى عطاف بن خالد عنه هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقَّاص الليثي المدنيّ، وهو لم يلق أبا قتادة ولا قارب ذلك، إنّما يرُوي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وغيره من كبار التابعين، وأمّا محمد بن عمرو الذي روى عبد الحميد بن جعفر عنه فهو محمد بن عمرو بن عطاء تابعي كبير جزم البخاريّ بأنه سمع من أبي حميد وغيره، وأخرج الحديث من طريقه، وللحديث طرق عن أبي حُميد سَمَّى في بعضها من العشرة: محمد بن سلمة وأبو أسيد وسهل بن سعد، وهذه رواية ابن ماجة من حديث عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، ورواها ابن خزيمة من طرق أيضًا". انتهى.
أما عبد الحميد فقال ابن حبَّان في صحيحه (٥/ ١٨٤): "أحد الثّقات المتقنين، قد سبرتُ أخباره فلم أره انفرد بحديث منكر لم يُشَارك فيه، وقد وافق فُليحُ بن سليمان وعيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد، عبد الحميد بن جعفر في هذا الخبر". انتهى.