للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخمسين سنة.

وبهذا صحَّ الحديث. وقد صحَّحه عبد الحق في الأحكام، وقال النوويّ في "المجموع" (٣/ ٤٢١): "إسناده جيد". وكذا قال أيضًا في الخلاصة (١٢٨٤) وقال: "ولم يضعفه أبو داود".

وقال الحافظ في "بلوغ المرام": "هو أقوى من حديث وائل بن حجر" وهو الآتي.

ولكن أعلّه الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: بأنَّ هذا الحديث وقع فيه وهم من بعض الرواة؛ فإنَّ أوَّل الحديث يخالف آخره، فإنَّه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير؛ فإنَّ البعير إنّما يضع يديه أوَّلًا. ولمَّا علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبنا البعير في يديه، لا في رجليه. فهو إذا برك وضع ركبته أوَّلًا، فهذا هو المنهي عنه. ثمّ قال: وهو فاسدٌ لوجوهٍ:

أحدها: أنَّ البعير إذا برك فإنَّه يضع يديه أوَّلًا، وتبقى رجلاه قائمتين.

والثاني: أنَّ قولهم ركبنا البعير في يديه .. كلام لا يُعقل، ولا يعرفه أهل اللغة، وَإِنَّما الرُّكبة في الرجلين، وإن أُطلق على اللتين في يديه اسم الركبة فعلى سبيل التغليب.

والثالث: أنَّه لو كان كما قالوه ثقال: "فليبرك كما يبرك البعير"، وإنَّ أوَّل ما يمسُّ الأرض من البعير يداه.

ثمّ ذكر ابن القيم بقية الوجوه وهي عشرة في ترجيح حديث وائل بن حجر من عشرة وجوه، فانظرها. انظر زاد المعاد (١/ ٢٢٧).

وحديث وائل بن حجر هو: "رأيتٌ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه".

رواه أبو داود (٨٣٧) واللّفظ له، والتِّرمذيّ (٢٦٨)، والنسائي (١٠٨٩)، وابن ماجة (٨٨٢)، وابن خزيمة (٦٢٦)، والدارقطني (١٣٠٧)، والدارمي (١/ ٣٠٣) كلّهم من طرق عن يزيد بن هارون، نا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر فذكر مثله.

قال الترمذيّ: "حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه مثل هذا عن شريك وقال: روي همام، عن عاصم هذا مرسلًا، ولم يذكر فيه وائل بن حجر".

قلت: شريك هو: ابن عبد الله النحفي صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، كذا في التقريب.

ولعلَّ هذا مما أخطأ فيه، ولذا قال الدَّارقطنيّ: "تفرّد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به"، ومثله قال أيضًا البخاريّ، وابن أبي داود، والبيهقيّ، بأن شريكًا تفرّد به.

وقال البيهقيّ (٢/ ٩٩): "هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضيّ، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلًا. هكذا ذكره البخاريّ وغيره من الحفاظ المتقدمين". انتهى. انظر أيضًا "التلخيص" (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>