وذكر الغسّاني أيضًا: أنه رواه كذلك أبو بكر البزّار في "مسنده الكبير" بإسناده وحكى عنه، وعن عبد الغني بن سعيد الحافظ: أنّهما ذكرا أنّ حسنًا هذا هو الحسن البصريّ.
وليس الأمر في ذلك على ما ذكروه، بل ما أورده مسلمٌ في هذا الإسناد هو الصواب، وكما أورده رواه أحمد بن حنبل، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج.
وقد انتصر له الحافظ أبو موسى الأصبهانيّ، وألّف في ذلك كتابًا لطيفًا تبجّح فيه بإجادته وإصابته، مع وهم غير واحد من الحفّاظ فيه.
فذكر: أنّ حسنًا هذا هو الحسن بن مسلمٌ بن ينّاق الذي روى عنه ابن جريج غير هذا الحديث، وأن معنى هذا الكلام: أنّ أبا نضرة أخبر بهذا الحديث أبا قزعة وحسن بن مسلم كليهما، ثم أكّد ذلك بأن أعاد فقال: أخبرهما أن أبا سعيد أخبره -يعني أبو سعيد أبا نضرة- وهذا كما تقول: إن زيدًا جاءني وعمرًا جاءاني فقالا: كذا وكذا.
وهذا من فصيح الكلام، واحتجّ على أنّ حسنًا فيه هو الحسن بن مسلم: بأنّ سلمة بن شبيب وهو ثقة، رواه عن عبد الرزّاق، وعن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، أنّ أبا نضرة أخبره، وحسن بن مسلم أخبرهما، أنّ أبا سعيد أخبره. الحديث. رواه أبو الشيخ الحافظ في كتابه "المخرّج على صحيح مسلم".
وقد أسقط أبو مسعود الدمشقي وغيره، ذكر حسن أصلًا من الإسناد؛ لأنّه مع إشكاله لا مدخل له في رواية الحديث.
وذكر الحافظ أبو موسى ما حكاه أبو علي الغسّاني في كتابه "تقييد المهمل" في ذلك، وبيّن بطلانه، وبطلان رواية من غيّر الضمير في قوله: "أخبرهما" وعبر ذلك من تغيير، ولقد أجاد وأحسن، واللَّه أعلم، انتهى كلام ابن الصّلاح.
ونقل هذا الكلام النووي في شرح مسلم وأقرّه.
قوله: "أشج عبد القيس" اسمه منذر بن عائذ كما قال الترمذي، وهو المنذر بن عائذ بن المنذر ابن الحارث القصري -بمفتوحتين- صحابي نزل البصرة ومات بها.
• عن جابر بن عبد اللَّه، قال: أتى النّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- النعمانُ بن قوقل، فقال: يا رسول اللَّه، أرأيت إذا صليتُ المكتوبة، وحرّمتُ الحرام، وأحللْتُ الحلال، أأدخلُ الجنّة؟ فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعم".
وفي رواية: "صليتُ الصلوات المكتوبات، وصمتُ رمضان، وأحللتُ الحلال، وحرمتُ الحرام، ولم أزد على ذلك، أأدخلُ الجنة؟ قال: "نعم" قال: واللَّه لا أزيد على ذلك شيئًا".