وقتها". ثمَّ قال: "ما ترون الناس صنعوا؟ ". قال: "أصبح الناسُ فقدوا نبيَّهم. فقال أبو بكر وعمر: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدكم. لم يكن ليُخلِّفكم. وقال الناسُ: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أيديكم. فإن يُطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا".
قال: فانتهينا إلى الناس حين امتدَّ النهار وحمِي كلُّ شيءٍ. وهم يقولون: يا رسول الله! هلكنا. عطشنا، فقال: "لا هُلكَ عليكم". ثمَّ قال: "أطلقوا لي غُمَري". قال: ودعا بالميضأَةِ. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وأبو قتادة يسقيهم. فلم يَعْدُ أن رأى الناسُ ماءً في الميضأَةِ تكابّوا عليها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحسنوا الملأَ، كلُّكم سيَروَى". قال: ففعلوا. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأسقيهم. حتَّى ما بقي غيري وغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: ثمَّ صبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "اشرب". فقلت: لا أشرب حتَّى تشربَ يا رسول الله! قال: "إنَّ ساقي القوم آخرهم شربًا"، قال: فشربتُ. وشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فأتى الناس الماء جامِّين رواءً. قال: فقال عبد الله بن رباح: إني لأُحدِّث هذا الحديثَ في مسجد الجامع إذ قال عمرانُ بنُ حصين: انظر أيُّها الفتي كيف تحدِّث. فإنِّي أحدُ الرَّكْب تلك اللّيلة. قال، قلت: فأنت أعلم بالحديث. فقال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار. قال: حدِّث فأنتم أعلم بحديثكم. قال: فحدَّثتُ القوم. فقال عمرانُ: لقد شهدتُ تلك الليلةَ وما شعرت أنَّ أحدًا حفظه كما حفظته.
متَّفق عليه: رواه مسلم في المساجد (٦٨١) عن شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان (يعني ابن المغيرة) حدثنا ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة فذكره.
ورواه البخاري في مواقيت الصلاة (٥٩٥) من وجهٍ آخر عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه مختصرًا.
وفي الصلاة الفائتة أحاديث أُخرى انظرها في جميع الأذان، باب الأذان والإقامة الصلاة الفائتة، وجموع الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها.
شرح المفردات الغريبة:
ابهارَّ الليلُ: أي انتصف. تهوَّرَ الليلُ: ذهب أكثرُه.
دعمته: أي أقمت ميله من النوم، وصرت تحته كالدعامة للبناء فوقها.
أطلِقوا غُمرِي: أي ايتوني به. والغمر القدح الصغير.