إلا أن ابن رجب في شرحه للبخاري باسم "فتح الباري" (٣/ ٢٧٠) يرى أنه حديث غريب منكر، ظنا منه أن هذا يخالف ما رواه ابن عمر في الصحيحين: "لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها"، والصواب أنه لا تعارض بينهما، ففي أحدهما النهي عن تحري الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها والآخر عام في النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد الصبح، والله أعلم.
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "صلاتان لا يصلي بعدهما: الصبح حتى تطلع الشمس، والعصر حتى تغرب الشمس".
رواه الإمام أحمد (١٤٦٩)، وأبو يعلى (٧٣٣) كلاهما عن إسحاق بن عيسى، حدثني إبراهيم، يعني ابن سعد، عن أبيه، عن معاذ التيمي قال: سمعت سعد بن أبي وقاص فذكر الحديث.
ومعاذ التيمي لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه سوى سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ولذا فهو "مقبول" وهو من رجال "التعجيل" (١٠٤٩)، ورواه ابن حبان (١٥٤٩) من حديث إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عنه. وقد توهم البعض بأنه معاذ بن عبد الرحمن التيمي وهو من رجال "التهذيب" أخرج له الشيخان ولذا قال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٢٢٥): "رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" والصواب أنه معاذ التيمي المكي ليس من رجال التهذيب أصلا.
وكذلك ما رواه نصر بن عبد الرحمن، عن جده مُعاذ أنه طاف مع معاذ بن عفراءَ فلم يُصَلِّ. فقلتُ: ألا تُصلي؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمسُ، ولا بعد الصبح حتى تطلع الشمس".
رواه النسائي (٥١٨) عن أبي داود، قال: حدثنا سعيد بن عامر الضبعي، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نصر بن عبد الرحمن فذكر مثله.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (١٧٩٢٦) عن محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة به مثله.
اختلف على شعبة فقال سعيد بن عامر ومحمد بن جعفر غندر هكذا.
قال الحافظ: وقال غيرهما: عن شعبة، عن سعد، عن نصر، عن جده معاذ بن عفراء أنه طاف فقال له معاذ رجل من قريش: ما لك لا تصلي فذكر الحديث.
انظر: تهذيب التهذيب (١٠/ ٤٢٨) ترجمة نصر بن عبد الرحمن الكناني.
ونصر بن عبد الرحمن لم يوثقه غير ابن حبان ولذا قال في التقريب: "مقبول" ومعاذ رجل من قريش لا يُعرف من هو؟ سواء كان جد نصر كما في رواية الضبعي وغندر، فإنه طاف مع معاذ وهو: ابن الحارث بن رفاعة المعروف بابن عفراء، وهي أمه، وهو صحابي معروف شهد بدرًا وما بعدها وهو من الأنصار. أو يكون هو جد نصر بن عبد الرحمن كما في رواية حفص بن عمر الحوضي رواه عنه البيهقي (٢/ ٤٦٤) والقائل له رجل آخر اسمه أيضًا معاذ، وهو رجل من قريش، وابن عفراء من الأنصار. فصار نصر بن عبد الرحمن مرة من قريش، وأخرى من الأنصار وهو اضطراب