وقال: "وكنّ نساء المسلمين يصلين في بيوتهنّ، وقد قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهنّ خير لهن" ولم يؤمرن مع القمص إِلَّا الخُمُر، لم تؤمر بما يغطي رجليها، لا خف ولا جورب، ولا بما يغطي يديها لا بقفازين ولا غير ذلك. فدلّ على أنه لا يجب عليها في الصّلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب" (ص ٣٢).
وكانت عائشة تصلي في الدرع والخمار، وكذلك كانت ميمونة تصلي في الدرع والخمار، ليس عليها إزار، وعن هشام بن عروة، عن أبيه أن امرأة استفتته فقالت: إن المِنْطَق يَشق عليَّ. أفأصَلِّي في دِرع وخمار؟ فقال: نعم، إذا كان الدِرعُ سابغًا.
كل هذه الآثار أخرجها مالك في كتاب صلاة الجماعة.
المِنْطَق ما يُشد به الوسط.
قال ابن عبد البر: المِنْطَق والحقو والإزار والسراويل واحد، وقال أيضًا: أجمع العلماء على أنها لا تُصلي متنقِّبةً ولا متبرقعةً. انظر: "الاستذكار" (٥/ ٤٤٤).
وأمّا ما رُوِيَ عن محمد بن زيد بن قُنْفُذ، عن أمِّه، أنها سألت أم سلمة: ماذا تُصلي فيه المرأة من الثياب؟ فقالت: "تصلي في الخمار والدرع السابع الذي يُغَيّبُ ظهور قدميها"، فهو موقوف.
رواه مالك في صلاة الجماعة (٣٦) عن محمد بن زيد بن قُنفذ به مثله. ورواه أبو داود (٦٣٩) عن القعنبيّ، عن مالك.
وأم محمد لا تعُرف كما قال الذّهبيّ في "الميزان" كنيتُها "أم حرام" واسمها: "آمنة".
قال البيهقيّ (٢/ ٢٣٢): وكذلك رواه بكر بن منصور وحفص بن غياث وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة موقوفًا، وقال: ورواه عثمان بن عمر، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن زيد مرفوعًا".
قلت: حديث عثمان بن عمر رواه أبو داود (٦٤٠) عن مجاهد بن موسى، عنه، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار به.
وقال فيه: عن أم سلمة أنها سألتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أتُصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: "إذا كان الدرع سابغًا يُغَطِّي ظهور قدميها".
قال أبو داود: "روي هذا الحديث مالك بن أنس ويكر بن مضر وحفص بن غياث وإسماعيل بن جعفر وابن أبي ذئب وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة. ولم يذكر أحد منهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، قصروا به على أمِّ سلمة رضي الله عنها".
وفيه إشارة إلى أن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار انفرد برفعه عن محمد بن زيد وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وإن كان من رجال البخاريّ فقد قال فيه أبو حاتم: "فيه لين، يُكتب حديثه ولا يحتج به".