أي عند المخالفة. ولذا رجّح الحافظ في التلخيص الوقف وقال: "أعلّه عبد الحق بأن مالكًا وغيره رووه موقوفًا، وهو الصواب".
وأمّا الحاكم فرواه (١/ ٢٥٠) من طريق مجاهد بن موسى مثل إسناد أبي داود إِلَّا أنه قال فيه: "عن أبيه، عن أم سلمة" وقال: صحيح على شرط البخاريّ، وفيه وهمان:
الأوّل: قوله: "عن أبيه" وكل من روى هذا الحديث قال فيه: "عن أمه" فلا ندري هل هذا الخطأ منه أم من النساخ.
والثاني: محمد بن زيد بن المهاجر بن قُنْفُذ ليس من رجال البخاريّ وإن كان هو ثقة من رجال مسلم، وكذلك أبوه وأمه ليسا من رجال البخاريّ.
وأهم من كل هذا فإن البخاريّ لا يخرج حديث رجل خالف جماعة فرفعه، ووقفه الآخرون، كون الراوي من رجاله لا يكفي للحكم عليه بأنه على شرطه حتَّى نعرف كيفية الرواية عنه.
قال ابن الجوزي في "التحقيق" (١/ ١١٤) عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ضعَّفه يحيى، وقال أبو حاتم: "لا يحتج به، والظاهر أنه غَلِط في رفع هذا الحديث".
وقال صاحب "التنقيح": "عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار روي له البخاريّ في صحيحه، ووثَّقه بعضُهم لكنه غَلِط في رفع هذا الحديث" انظر أيضًا: "نصب الراية" (١/ ٢٩٩ - ٣٠٠).
وأمّا فقهاء الإسلام فأجمعوا على أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصّلاة، واختلفوا في كشف الكفين؛ فعند الإمام أحمد روايتان: إحداهما يجوز كشفها، وهو قول مالك والشافعي؛ لأن ابن عباس كان يقول في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] قال: الوجه والكفين.
وكذلك اختلفوا في تغطية القدمين، فقال أبو حنيفة: القدمان ليسا من العورة؛ لأنهما يظهران غالبًا. وقال أحمد: يجب تغطية القدمين؛ لما جاء في حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبرًا" فقالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: "فيرخينه ذراعًا لا يزدن عليه". رواه أصحاب السنن، وقال الترمذيّ (١٧٣١): حسن صحيح. وسيأتي تخريجه في كتاب اللباس، ولكن حمله شيخ الإسلام على الخروج من البيت كما مضى.
وقال في فتاواه (٢٢/ ١١٤، ١١٥): "فكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة وهو الأقوى.
فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة. قالت: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قالت: "الفتح" حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين. رواه ابن أبي حاتم. فهذا دليل على أن النساء كن يظهرن أقدامهن أولا، كما يظهرن الوجه واليدين، كن يرخين ذيولهن فهي إذا مشت قد يظهر قدمها، ولم يكن يمشين في خفاف وأحذية، وتغطية هذا في الصّلاة فيه حرج عظيم. وأم سلمة