القرآن، لأن صدقة السِر أفضلُ عند أهل العلم من صدقة العلانية، وإنَّما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العُجْب، لأن الذي يُسِرُّ العملَ لا يخاف عليه العجب ما يُخاف عليه في العلانية" انتهى. وقيل: معناه الجهر مع الإمام.
وأما ما رُوي عن أبي أمامة مرفوعًا: "إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يُسِر بالقرآن كالذي يُسر بالصدقة" فهو ضعيف جدًّا، لا يصلح أن يكون شاهدًا لحديث عقبة بن عامر.
رواه الطبراني في الكبير.
قال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٢٦٦): "رواه الطبراني في الكبير من طريقين في إحداهما بشير بن نمير وهو متروك، وفي الأخرى إسحاق بن مالك ضعفه الأزدي" انتهى.
قلت: الطريق الأول أخرجه الطبراني (٨/ ٢٨٥) عن خلف بن عمرو العكبري، ثنا غسان بن الفضل الغلابي، ثنا عمرو بن علي المقدمي، عن بشير بن نُمير، عن القاسم، عن أبي أمامة فذكر مثله.
والطريق الثَّاني رواه الطبراني (٨/ ٢٠٩) عن أحمد بن النضر العسكري، ثنا سليمان بن سلمة الخبائري، ثنا بقية بن الوليد، عن إسحاق بن مالك الحضرمي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة فذكر مثله.
كذا "بشير بن نمير" في الطبراني ومجمع الزوائد، والصواب: "بشر بن نمير - بدون الياء - وهو القشيري من أهل البصرة، يَرِوي عن القاسم بن عبد الرحمن.
قال ابن حبان في "المجروحين" (١٣١): منكر الحديث جدًّا، فلا ادري التخليط في حديثه من القاسم، أو منهما، لأن القاسم ليس بشيء في الحديث، وأكثر رواية بشر عن القاسم، فمن هذا وقع الاشتباه فيه".
وقال ابن عدي في "الكامل" (٢/ ٤٤١): "عامة ما يرويه عن القاسم وعن غيره لا يتابع عليه، وهو ضعيف كما ذكروه".
وأمَّا إسحاق بن مالك الحضرمي شامي، فهو ضعيف أيضًا كما قال الأزديّ، وقال ابن القطان: لا يعرف، انظر ترجمته في "الميزان، و"اللسان".
• عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمِعَهم يُجهرون بالقراءةِ، فكشف الستر وقال: "أَلّا إنَّ كُلَّكُم مناجٍ ربَّه، فلا يُؤْذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يَرفعُ بعضُكم على بعض في القراءة" أو قال: "في الصلاة".
صحيح: رواه أبو داود (١٣٢٢) عن الحسن بن علي، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن إسماعيل ابن أمية، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد فذكره، وإسناده صحيح.
والحديث في مصنف عبد الرزاق (٤٢١٦) ومن طريقه رواه الإمام أحمد (١١٨٩٦) وصحّحه ابن خزيمة (١١٦٢)، والحاكم (١/ ٣١٠، ٣١١) وقال: "على شرط الشيخين".