وابن لهيعة اختلط بعد أن احترقتْ كتبه، ولكن سمع منه يحيى بن إسحاق قبل احتراقها، ورواه أيضًا الطّحاويّ في مشكله (٤٤٩١) من طريق أبي عبد الرحمن المقري، وهو عبد الله بن يزيد قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن لهيعة به فذكره، وأبو عبد الرحمن المقري أيضًا ممن سمع منه قبل احتراق كتبه.
قال الهيثميّ في "المجمع" (٢/ ٢٣٩): "رواه أحمد والطَّبرانيّ في الكير، وله إسنادان عند أحمد، أحدهما رجاله رجال الصَّحيح، خلا عليّ بن إسحاق السلمي شيخ أحمد وهو ثقة". انتهى.
وأمّا ما رُوِي عن عبد الله بن بريدة، عن أيه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الوتر حق فمن لم يوتر فليس مِنَّا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس مِنَّا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس مِنَّا".
فهو ضعيف: رواه أبو داود (١٤١٩)، وأحمد (٢٣٠١٩)، والحاكم (١/ ٣٠٥)، والبيهقي (٢/ ٤٧٠) كلّهم من طرق عن عبيد الله بن عبد الله العتكيّ، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، والعتكي أبو المنيب مروزي ثقة".
وتعقبه الذّهبيّ فقال: "قال البخاريّ: عنده مناكير".
انظر أيضًا: التاريخ الكبير (٥/ ٣٨٨).
وقال العقيلي: "لا يتابع على حديثه".
وقال البيهقيّ: "لا يُحتجُّ به".
وأورد النوويّ هذا الحديث في "الخُلاصة" (١٨٦٤) في فصلِ الضعيفِ.
وكذلك ما رواه أبو هُريرة مرفوعًا: "من لم يوتر فليس مِنَّا"، رواه أحمد (٢/ ٤٤٣)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٢/ ٢٩٧) قالا: حَدَّثَنَا وكيع، ثنا الخليل بن مُرَّة، عن معاوية بن قُرَّة، عن أبي هُريرة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وفي الإسناد علتان.
الأوّلى: الخليل بن مُرَّة البصري؛ قال فيه أبو حاتم: ليس بالقويّ، وقال البخاريّ: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: لا يصح حديثه، وقال في "التاريخ الكبير" (٣/ ١٩٩): "فيه نظر". والمعروف أنه إذا قال في شخص: "فيه نظر" فهو في أردأ المنازل.
العلة الثانية: الانقطاع؛ فإن معاوية بن قُرَّة لم يسمع من أبي هريرة ولم يَلْقَه، كما نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.
وكذلك لا يصح ما رواه أبو عُبَيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعًا: "إنَّ الله وترٌ يحب الوترَ، أوتروا يا أهل القرآن" فقال له أعرابي: ما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "ليس لك ولا لأصحابك".
رواه أبو داود (١٤١٧)، وابن ماجة (١١٧٠) كلاهما عن عثمان بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا أبو حفص الأبَّار، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عبيدة، عن أبيه فذكره، واللّفظ لابن ماجة، وأمّا أبو داود فأحال على لفظ عليّ بن أبي طالب.