للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا سائر أهل العلم فقالوا: إنَّ صلاة شدَّة الخوف لا ينقص منها من العدد شيئًا، ولكن يصلِّي على حسب الإمكان ركعتين، أي وجه يوجهون إليه، رجالًا ورُكبانًا، يومئون إيماءً، وبه قال أصحاب الرأي ومالك والشافعي، وقال الإمام أحمد: كل حديث رُويَ في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز، وقال: ستَّة أوجه، أو سبعة أوجه تُروي فيه كلُّها جائز. انظر "معالم الخطابي".

وما قال به الإمام أحمد هو من أعدل الأقوال تجنُّبًا من التأويل أو التضعيف كما سيأتي من كلام البيهقي رحمه الله تعالي.

• عن ابن عباسٍ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بذي قَرَدٍ، وصفَّ الناس خلفه صفَّين، صفًّا خلفه، وصفًّا موازي العدوِّ، فصلى بالذي خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلَّي بهم ركعة، ولم يقضوا.

صحيح: رواه النسائي (١٥٣٥) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الجهم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس فذكره.

وصحّحه ابن خزيمة (١٣٨٤)، وابن حبان (٢٨٧١)، والحاكم (١/ ٣٣٥) والحديث في مسند الإمام أحمد (٢٠٦٣) كلهم من طريق سفيان به مثله.

ولم يذكر لفظه ابن خزيمة وإنما أحاله على لفظ حديث حذيفة الآتي بعده وقال في آخره: ولم يقضوا.

ثم روي عَقِبه حديث ابن عباس كما مضى في أوَّل صلاة السفر وفيه: وفي "الخوف ركعة".

ورواه أيضًا البيهقي (٣/ ٢٦٢) من طريق سفيان به مثله.

ثم قال: قال سفيان: فكان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ولكل طائفة ركعة.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه الألفاظ.

قلت: وهذا وهم منه فإن أبا بكر بن أبي الجهم -واسمه عبد الله وهو العدويّ، وقد ينسب إلى جده- ليس من رجال البخاري، وإنَّما أخرج له مسلم وحده، غير أنَّه ثقة.

ولكن نقل البيهقي (٣/ ٢٦٢) عن الشافعي أنَّه ترك هذا الحديث بحجَّة أنَّ جميع الأحاديث في صلاة الخوف مجتمعة على أنَّ على المأمومين من عدد الصّلاة ما على الإمام، وكذلك أصل الفرض في الصلاة على الناس واحد في العدد، ولأنَّه لا يثبت عندنا مثله لشيء في بعض إسناده.

قال البيهقي: هذا حديث لم يخرجه البخاري ولا مسلم في كتابيهما وأبو بكر بن أبي الجهم يتفرد بذلك هكذا عن عبيد الله بن عبد الله، وقد يحتمل أن يكون مثل صلاته بعُسفان، فإنَّ قوله: ثم ذهب هؤلاء إلى مصافِّ أولئك، وجاء أولئك أراد به تقدُّم الصف المؤخَّر، وتأخُّر الصفِّ المقدَّم.

وقد روى الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس ما دلَّ على ذلك مع اختلاف فيه عن الزهري وقت حراسة أحد الصفين".

هكذا يؤول البيهقي حديث أبي بكر بن أبي الجهم أو يُضعِّفه لأنه لم يخرجه الشيخان ولذا تعقبه

<<  <  ج: ص:  >  >>