والرواية الثانية رواها البخاري في الاستسقاء (١٠١٤)، ومسلم في الاستسقاء (٨٩٧) كلاهما عن قيتبة بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك فذكره. ولفظهما سواء.
قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول، قال: لا أدري.
قوله:"دار القضاء" هي دار عمر بن الخطاب، سميت دار القضاء لأنها بيعتْ في قضاء دين كان عليه، فكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك فقيل لها: دار القضاء، ومن فسر بأنها دار الإمارة فإنه لم يُصب.
وقوله:"ستًّا" أي: لم نَرَ الشمس ستةَ أيام، ولكن في أكثر الروايات "سبتًا" باسم أحد الأيام - أي: لم نَرَ الشمس أسبوعًا.
وقال النووي: قطعة من الزمان، لأنَّ أصل السبت: القطع.
وقوله:"اللَّهم حوالينا" المراد به صرف المطر عن الأبنية والدور.
وقوله:"اللَّهم على الآكام" من الإكام: بكسر الهمزة، وقد تُفتح وتُمد، جمع أكمة بفتحات.
قال الخطابي: هي الهضبة الضخمة، وقيل: الجبل الصغير، وقيل غير ذلك وهو المراد من قوله:"حوالينا".
وفي الحديث دليل لمن يقول: بأن الاستسقاء لا تُشرع فيه الصلاة.
وأجيب بأن المقصود هنا مجرد الدعاء، وأما صلاة الاستسقاء فثبتت بالأحاديث الأخرى.
• عن أنس قال: أصاب الناسَ سَنَهٌ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبيْنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر يوم الجمعة، قام أعرابي فقال: يا رسول الله! هلك المالُ، وجاعَ العِيَالُ، فادْعُ الله لنا أنْ يَسْقينا، قال: فرفع رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَيه، وما في السماء قزَعَةٌ، قال: فثار سحابٌ أمثالُ الجِبال، ثم لم يَنْزِلْ عن مِنْبَرِه حتَّى رأيتُ المَطَرَ يتحادَرُ على لِحَيَتِه، قال: فمُطرْنا يومَنا ذلك، وفي الغَد، ومن بعدِ الغدِ، والذي يليه إلى الجمعةِ الأخرى، فقام ذلك الأعرابي، أو رَجُلٌ غَيرُه، فقال: يا رسولَ الله! تَهَدَّمَ البناء، وغَرقَ المال، فادْعُ الله لنا، فرفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْه وقال:"اللَّهمَّ حَوَالَيْنَا ولا علينا" فما جعل يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السماء إلا تفرَّجتْ، حتى صارتِ المدينةُ في مثل الجَوْبة، حتى سالَ الوَادي -وادي قناةَ- شهرًا قال: فلم يجئْ أحد من ناحيةٍ إلا حدَّث بالجَود.
متفق عليه: رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٣٣)، ومسلم في الاستسقاء (٨٩٧/ ٩) كلاهما من طريق الأوزاعي قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، قال: حدثني أنس بن