والرواية الثانية رواها (٩٠٨) من طريق إسماعيل ابن عُلية، عن سفيان.
وهذا حديث صحيح رواه أيضًا أبو داود (١١٨٣)، والترمذي (٥٦٠)، والنسائي (١٤٦٨) كلهم من طريق يحيي به، وقال الترمذي: حسن صحيح، وسكت عليه أبو داود والمنذري، وتكلم البيهقي (٣/ ٣٢٧) بما لا يشفي وهذا لفظه: "وأما محمد بن إسماعيل رحمه الله فإنَّه أعرض عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد رُوِينا عن عطاء بن يسار وكثير بن عباس، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت وإن كان من الثقات فقد كان يدلِّس، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوقٍ به عن طاوس" انتهى.
وكون الرواة رووا عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان لا يمنع من صحة حديث حبيب بن أبي ثابت لإمكان التعدد، فإنه إذا جُمعت أحاديث الكسوف كما ستري فإنها تدل على أنها تكررت وتعددت صفاتها.
وقول مسلم: وعن علي مثل ذلك. هو الحديث الآتي:
• عن رجل يُدعى حنشًا قال: كسفتِ الشمسُ فصلَّى عَلِيٌّ للناس، فقرأ:{يس} أو نحوها. ثم ركع نحوًا من قدر سورة، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ثم قام قدر السورة يدعو ويُكبر، ثم ركع قدر قراءته أيضًا، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام أيضًا قدر السورة، ثم ركع قدر ذلك أيضًا حتى صلي أربع ركعات، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم سجد، ثم قام إلى الركعة الثانية ففعل كفعله في الركعة الأولى، ثم جلس يدعو ويَرْغَبُ، حتى انكشفتِ الشمس، ثم حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك فعل.
حسن لغيره: رواه الإمام أحمد (١٢١٦) عن يحيى بن آدم، حدثنا زهير، حدثنا الحسن بن الحُرّ، حدثنا الحكم بن عُتيبة، عن رجل يُدعى حنشا فذكره.
وصححه ابن خزيمة (١٣٨٨) ورواه من طريق زهير إلا أنه لم يسق لفظه كاملًا وإنما قال في آخر الحديث: "في هذا الخبر إنه ركع أربع ركعات في كل ركعة مثل خبر طاوس عن ابن عباس".
قلت: رجاله ثقات غير حنش وهو: ابن المعتمر الكوفي، مختلف فيه فقال أبو داود: ثقة.
وقال أبو حاتم: هو عندي صالح، وقال العجلي: تابعي ثقة.
وتكلم فيه النسائي وابن حبان وغيرهما والخلاصة فيه كما قال الحافظ في التقريب:"صدوق له أوهام" أي: هو صدوق إلا إذا ثبت أنه وهم فتُضعَّفُ روايته تلك. ولم أجد هنا ما يُضعَّف بسببه غير أنَّه انفرد برواية هذا الحديث عن علي بن أبي طالب ولا يَروِي عنه غيرُه، ولكن لا يمنع هذا من تحسين حديثه في الشواهد، ولذا أشار إليه مسلم ولم يخرجه لأنه ليس على شرطه.