ولكن ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه في صحيحه. وهذا يؤكد توثيقه للمجاهيل كما قيل؛ ولذا قال فيه الحافظ: "مقبول" أي حيث يتابع، إلا أنَّه لم يتابع فهو "لين الحديث".
وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "اكتُم الخِطبة، ثم توضأ فأحسن وُضوءَك، وصَلّ ما كتب الله لك، ثم احمدْ ربك ومجِّده، ثم قل: اللهم إنك تَقْدِرُ ولا أقْدِر، وتعلمُ ولا أعلمُ، أنت علَّامُ الغيوب، فإن رأيتَ لي في فُلانَة -تُسمِّيها باسمها- خيرًا في ديني ودُنيايَ وآخِرتي فاقدرها لي، وإن كان غيرُها خيرًا لي منها في ديني ودُنيايَ وآخِرتي فاقض لي بها". أو قال: "فاقدرها لي".
رواه الإمام أحمد (٢٣٥٩٦) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الوليد بن أبي الوليد، عن أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، حدَّثه عن أبيه، عن جده أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره.
وفيه ابن لهيعة وهو سيء الحفظ، ولكنه توبع، رواه الإمام أحمد (٢٣٥٩٧) عقب الحديث المذكور عن هارون، حدثنا ابن وهب، أخبرني حيوة، أن الوليد بن أبي الوليد أخبره فذكره بإسناده ومعناه.
وابن وهب هو عبد الله، ومن طريقه رواه ابن خزيمة (١٢٢٠)، وابن حبان (٤٠٤٠)، والحاكم (١/ ٣١٤، ٢/ ١٦٥).
قال الحاكم في الموضع الأول: "هذه سنهُ صلاةِ الاستخارةِ عزيزةٌ، تفرد بها أهلُ مصر، ورواتُه عن آخرهم ثقات، ولم يُخرجاه".
وقال في الموضع الثاني: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلت: وفي تصحيحه نظر؛ فإن أيوب بن خالد وهو: ابن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري المدني، ويعرف بأيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، وأبو أيوب جده لأمه عمرة بنت أبي أيوب الأنصاري لم يوثقه غير ابن حبان، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه.
وقال فيه الحافظ: "فيه لين".
وأبوه خالد مجهول، انفرد ابنه بالرواية عنه.
وأما الوليد بن أبي الوليد، وهو أبو عثمان المدني وإن قال فيه الحافظ: "لين الحديث" فالصواب أنه ثقة، وثقه أبو زُرعة، كما في "الجرح والتعديل"، والذهبي في "الكاشف".
وفي الباب أحاديث أخرى أيضًا عن ابن مسعود وابن عباسٍ وغيرهما، ولكن لا يخلو شيءٌ منها من مقالٍ. إلا أن بعض أهل العلم نقلوا تصحيح ابن حبان والحاكم وأقروه، وجعلوها شواهد لحديث جابر، انظر "فتح الباري" (١١/ ١٨٤)؛ لأن الإمام أحمد تكلم في عبد الرحمن بن أبي الموال الذي روى عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله حديث الاستخارة فقال: "روي عن محمد بن المنكدر حديث الاستخارة، وليس أحد يرويه غيره، وهو منكر الحديث" ذكره ابن عدي