وأما الإمام أحمد وابن ماجة فذكرا تفسير الغرباء بلفظ آخر "قال: قيل: ومن الغرباء؟ قال: النّزاع من القبائل". وسفيان بن وكيع ضعيف لكنه توبع.
وقال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود، إنما نعرفه من حديث حفص ابن غياث، عن الأعمش، وأبو الأحوص اسمه عوف بن مالك بن نضلة الجشميّ، تفرَّد به حفص".
قوله: "النُّزَّاع" ضبط بضم ثم تشديد، قيل: هو جمع نزيع ونازع، وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته، أي الذين يخرجون عن الأوطان لإقامة سنن الدين. قاله السّنديّ.
• عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه ذات يوم ونحن عنده: "طوبى للغرباء" وقيل: ومن الغرباء يا رسول اللَّه؟ قال: "أناسٌ صالحون في أناسِ سَوءٍ كثيرٍ، من يَعْصِيهم أكثر ممن يُطيعهم". ثم ذكر فقراء المهاجرين الذين تُتَّقى بهم المكاره. . .
حسن: رواه الإمام أحمد (٦٦٥٠) عن حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الحارث بن يزيد، عن جندب بن عبد اللَّه، أنه سمع سفيان بن عوف يقول: سمعت عبد اللَّه بن عمرو، فذكر الحديث.
وفيه ابن لهيعة مختلط، ولكن رواه عبد اللَّه بن المبارك في "الزهد" (٧٧٥)، والبيهقي في "الزهد" (٢٠٣) من طريق أبي عبد الرحمن (وهو عبد اللَّه بن يزيد المقرئ) - كلاهما عن ابن لهيعة بإسناده، نحوه. وهما ممن سمعا منه قبل الاختلاط.
وفي الإسناد جندب بن عبد اللَّه وهو الوابلي الكوفي من رجال "التعجيل" ولم يذكر من روي عنه غير الحارث بن يزيد، ولكن قال العجليّ: "كوفيّ تابعيٌّ ثقة" ولم يذكره ابن حبان في "الثقات" وهو على شرطه.
وله أسانيد أخرى غير أنّ ما ذكرته هو أصحها.
وقد روي موقوفًا على عبد اللَّه بن عمرو، ولفظه: "طوبى للغرباء الذين يُصلحون عند فساد الناس".
رواه أبو عمرو الدَّاني في "الفتن" (٢٩١) بإسناد لا بأس به.
وفي الباب عن أنس بن مالك مرفوعًا: "إنّ الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا، فطوبى للغرباء".
رواه ابن ماجة (٣٩٨٧) عن حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: أنبأنا عمرو ابن الحارث وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس، فذكره.
وسنان بن سعد ويقال: سعد بن سنان، -صوَّب البخاريُّ وابنُ يونس الأول، - تكلَّم فيه أهل العلم فقال الإمام أحمد: "تركتُ حديثه لأنه مضطرب"، وقال ابن سعد، والنسائي: "منكر الحديث"، وقال الجوزجانيّ: "أحاديثه واهية".
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٨٢٣) في ترجمة عثمان بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان