مالكٍ: "فيصلي". أو أجزم بذلك. فإنَّ يحيى بن يحيى النيسابوري هذا مع وفرة علمه وحفظه وإمامته كان كثير التشكُّك في الألفاظ لورعه وتقواه، حتَّى كان يُسمَّى الشكَّاك، كما قال القاضي عياض.
وليس هذا يحيى بن يحيى الليثي الذي اشتهرت روايته في المشرق والمغرب، واعتمد عليها ابن عبد البر في شرح الموطَّأ.
• عن عطاء، عن ابن عمر قال: كان إذا كان بمكَّةَ فصلَّى الجمعةَ تقدَّم فصلَّى ركعتين، ثمَّ تقدَّم فصلَّى أربعًا، وإذا كان بالمدينة صلَّى الجمعة ثمَّ رجع إلى بيته فصلَّى ركعتين، ولم يُصلِّ في المسجد، فقيل له، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
وفي رواية: قال عطاء: رأيت ابن عمر يصلِّي بعد الجمعة فيَنْماز عن مصلاه الذي صلَّى الجمعة فيه قليلًا غير كثيرٍ، قال: فيركع ركعتين. قال: ثمَّ يمشي أنفَسَ من ذلك، فيركع أربع ركعات.
قال ابن جريج: قلتُ لعطاء: كم رأيتَ ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مِرارًا.
صحيحٌ: رواه أبو داود (١١٣٠) والترمذي (٥٢٣) كلاهما من طريق عطاء، عن ابن عمر، فذكره. واللفظ لأبي داود، وأمَّا الترمذي فاختصره، قال: "رأيت ابن عمر صلى بعد الجمعة ركعتين، ثمَّ صلَّى بعد ذلك أربعًا".
قلت: إنَّما قصد ابن عمر بيان فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو: ركعتان بعد الجمعة، أمَّا حديث الأربع ركعات التي كان يصليها، فهو ليس بمرفوع من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما كان ذلك من فعل ابن عمر نفسه؛ لإكثاره من النوافل في مكَّةَ، على أنَّ الأئمَّة اختلفوا في عطاءٍ؛ فقالوا: إنَّه لم يسمع من ابن عمر شيئًا، وإنَّما رآه فقط، فقوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك منقطع، والصواب فيه: رواية ابن جريج بأنَّ ذلك من فعل ابن عمر، لا من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والرواية الثانية رواها أبو داود (١١٣٣) من طريق ابن جريج، أخبرني عطاءٌ به.
وقوله: "فينماز": انماز عن مكانه: أي فارقه. أراد: أنَّه تحوَّلَ عن موضعه الذي صلَّى فيه. وقوله: "أنفس من ذلك": أي أبعد منه بقليلٍ.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلَّى أحدكم الجمعة فليصلِّ بعدها أربعًا".
وفي رواية: "إذا صليتم الجمعةَ فصلُّوا أربعًا".
صحيح: رواه مسلم في الجمعة (٨٨١) من طريق خالد بن عبد الله، عن سُهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديثَ.
والرّواية الثانية أخرجها مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبةَ، وعَمرو الناقد، كلاهما عن عبد الله بن