بكلِّ عملنا؟ هلكنا إذًا! فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "نعم يُجزى به المؤمنون في الدنيا في مصيبة في جسده فيما يؤذيه".
رواه أحمد (٢٤٣٦٨) وأبو يعلى (٤٦٧٥, ٤٨٣٩) كلاهما عن هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، أنَّ بكر بن سوادة حدَّثه، أنَّ يزيد بن أبي يزيد حدَّثه، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، فذكرت الحديث.
وصحَّحه ابن حبَّان (٢٩٢٣)، وفي الإسناد يزيد بن أبي يزيد، وهو الأنصاري، مولي مسلمة بن مخلد، لم يوثقه أحدٌ، وإنَّما ذكره ابن حبَّان في "الثقات" (٧/ ٦٣١)، وأخرج حديثَه في صحيحه، وهو من رجال "التعجيل" (١١٩٣)، وقد أطال الحافظ الكلام عليه، فانظره، وأمَّا قول الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٢): "رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح"، فليس بصحيحٍ؛ لأنَّ يزيد بن أبي يزيد ليس من رجال الصحيح، ولعلَّ الهيثمي ظنَّ أنَّه يزيد بن أبي يزيد الضُّبَعي، المعروف بالرِّشك؛ فإنَّه من رجال الجماعة، وليس كذلك.
وأمَّا ما رُوي عن أبي بكر، قال: يا رسول الله! كيف الصلاح بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣]. فكلُّ سوء عملنا جُزينا به؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غفر الله لك يا أبا بكر! ألستَ تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألستَ تصيبُك اللأواء؟ ". قال: بلى. قال: "فهو ما تُجزون به". ففيه انقطاع، رواه الإمام أحمد (٦٨) وأبو يعلى (٩٨, ٩٩, ١٠٠, ١٠١) كلاهما من طرق، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي بكر بن أبي زهير، قال: أُخبِرتُ أنَّ أبا بكر قال، فذكر مثله. واللفظ لأحمد.
وأخرجه ابن حبَّان في صحيحه (٢٩١٠, ٢٩٢٦) والحاكم (٣/ ٧٤, ٧٥) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد.
قلتُ: أبو بكر بن أبي زهير لم يروِ عنه إلَّا اثنان، ولم يوثقه أحدٌ؛ ولذا قال فيه الحافظ: "مقبول" أي إذا توبع، ثمَّ هو من صغار التابعين، لم يسمع من أبي بكر؛ وقد جزم به الحافظ في التهذيب: "أرسل عن أبي بكر".
ولهذا الحديث أسانيد أخرى، وكلُّها معلولةٌ، وإلى هذا يشير الترمذي (٣٠٣٩) بعد أن رواه من وجهٍ آخر: "هذا حديثٌ غريب، وفي إسناده مقال، موسي بن عُبيدة يُضعَّف في الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد، وأحمد بن حنبل. ومولي ابن سباع مجهول. وقد رُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسنادٌ صحيحٌ".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة. أنَّها سُئلت عن قول الله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤]، وعن قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، فقالت: ما سألني عنها أحد منذ سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "هذه معاتبة الله العبدَ فيما يُصيبُه من الحُمَّى