وكذا رواه عليّ بن أبي طلحة، عند ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٦١٤) وأبو جمرة عند الطبري (١٠/ ٥٥٠) والعوفيّ، كلهم عن ابن عباس.
قال ابنُ كثير في تفسير هذه الآية:"فهذا أكثر وأثبت" انتهى قوله.
قلت: وهو كما قال رحمه اللَّه تعالى، فإن أحدًا لا يشك في ترجيح وقفه من حيث الإسناد فمن الممكن أنه كان يوقف مرة، ويرفع أخرى ولكن الرّفع زيادة.
والثانية: أن مثل هذا لا يقال بالرّأي.
والثالثة: أنه من تفسير الصحابي، وما كان كذلك فهو في حكم الرفع، ولذا يخرّج الحاكم تفاسير الصحابة في المستدرك ويجعله على شرط الكتاب. انظر:(١/ ٥٥).
والرابعة: إنّ هذا التفسير له شواهد كثيرة من الصّحابة الآخرين كما قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٣) عند شرحه لحديث عمر بن الخطّاب سئل عن قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}[سورة الأعراف: ١٧٢] فقال عمر: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عنها فقال:(فذكر الحديث) قال: ليس إسناده بالقائم. . . ولكن معنى هذا الحديث قد صحَّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها".
قلت: حديث عمر بن الخطّاب هذا وغيره سيأتي تخريجه المفصّل في كتاب القدر - باب أحاديث القبضتين كما ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور، والشوكاني في تفسيره فتح القدير (٢/ ٢٥١ - ٢٥٢) كثيرًا من الآثار الموقوفة والأحاديث المرفوعة في معناه.
• عن أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه- في قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [سورة الأعراف: ١٧٢، ١٧٣] قال: "جمعه له يومئذ جميعًا ما هو كائن منه إلى يوم القيامة، فجعلهم أرواحًا ثم صوَّرهم، ثم استنطقهم وتكلَّموا، وأخذ عليهم العهد والميثاق {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع، والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة: لم نعلم بهذا، اعلموا أن لا إله غيري ولا ربّ غيري، ولا تشركوا بي شيئًا، وأني سأرسل لكم رسلًا ينذرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي قالوا: نشهد أنَّك ربّنا وإلهنا لا ربّ لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك، فأقرّوا له يومئذ بالطّاعة، ورفع أباهم آدم إليهم فرأى فيهم الغني