للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك لا يصح ما رُوي عن القاسم بن عبد الله بن عمر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاءت التعزية سمعوا قائلًا يقول: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفًا من كل هالك، ودركًا من كل ما فات، فبالله فثِقُوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب"، قال البيهقي (٤/ ٦٠): "وقد رُوي معناه من وجه آخر عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، ومن وجه آخر عن أنس بن مالك. وفي أسانيده ضعف". انتهي.

وقال الذهبي في "مهذب السنن الكبري" (٣/ ١٤٠٤): هذا مرسل، والقاسم كذَّبه أحمد بن حنبل، ثم ذكر كلام البيهقي.

وقوله: رُوي عن أنس بن مالك، قلت: رواه الطبراني في "الأوسط" (٨١٢٠) عن أنس قال: لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قعد أصحابه حزان يبكون حوله، فجاء رجل طويل صبيح فصيح في إزار ورداء، أشعر المنكبين والصدر، فتخطى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أخذ بعضادي الباب، فبكي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم قال: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفًا من كل هالك، وعوضًا من كل ما فات، فإلى الله فأنيبوا، وإليه فارغبوا، فإنما المصاب من لم يجبره الثواب" فقال القوم تعرفون الرجل، فنظروا يمينًا وشمالًا فلم يروا أحدًا، فقال أبو بكر: هذا الخضر أخو النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٣): "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عباد بن عبد الصمد أبو معمر ضعَّفه البخاري".

وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدًّا، يروي عن أنس بن مالك ما ليس من حديثه، وما أُراه سمع منه شيئًا، فلا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الثقات، فكيف إذا انفرد بالأوابد والطامات" "المجروحين" (٧٩١).

وكذلك لا يثبت ما رُوي عن زرارة بن أبي أوفى قال: عزى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا على ولده فقال: "آجرك الله، وأعظم لك الأجر" وزرارة بن أبي أوفي تابعي، لم تثبت صحبته.

وكذلك ما رُوي عن حسين بن أبي عائشة، عن أبي خالد -يعني الوالبي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عزَّي رجلًا فقال: "يرحَمك الله ويأجرك" رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٦٠) والبيهقي (٤/ ٦٠) وقال: هذا مرسل.

قلت: وأبو خالد الوالبي اسمه هرمز، جعله الحافظ في التقريب "مقبول" أي حيث يتابع، إلا أنه لم يتابع عليه فهو "لين الحديث" مع الإرسال فيه.

وابن أبي عائشة لم بوثقه أحد، غير أن ابن حبان ذكره في "الثقات" (٢/ ٥٩).

انظر للمزيد "باب التعزية" في "المنة الكبرى" (٣/ ١٠٢ - ١٠٦).

وأما ما رُوي عن معاذ بن جبل أنه مات ابن له، فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعزيه بابنه: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى معاذ بن جبل، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فأعظم الله لك الأجر، وألهمك الصبر، ورزقنا وإياك الشكر، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>