ورواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٦٠) عن وكيع، عن أبي مودود، عن طلحة بن عبيدالله بن كريز فذكره. وهذا موقوف عليه، فإن طلحة بن عبيدالله بن كريز تابعي.
وكذلك لا يصح ما رواه الترمذي (١٠٧٦) عن محمد بن حاتم المؤدِّب، حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثتنا أم الأسود، عن منْية بنت عبيد بن أبي برزة، عن جدها أبي برزة مرفوعًا: "من عزَّي ثكلي كُسِي بردًا في الجنة".
قال الترمذي: "حديث غريب، وليس إسناده بالقوي".
قلت: وهو كما قال، فإن في الإسناد مُنية بنت عبيد لا يعرف حالها.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا: "من عزَّي مصابًا فله مثلُ أجره".
رواه الترمذي (١٠٧٣)، وابن ماجه (١٦٠٢) كلاهما من طريق علي بن عاصم قال: حدثنا والله محمد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله فذكر الحديث.
قال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث علي بن عاصم، وروى بعضهم عن محمد بن سوقة بهذا الإسناد مثله موقوفًا ولم يرفعه، ويقال: أكثر ما ابتلي به علي بن عاصم بهذا الحديث نقموا عليه".
وأخرجه البيهقي (٤/ ٥٩) من هذا الوجه وقال: "تفرد به علي بن عاصم، وهو أحد ما أنكر عليه، وقد رُوي عن غيره، والله أعلم".
وأدخله ابن الجَوْزي في "الموضوعات" (٣/ ٢٢٣).
وقال الخطيب في تاريخه (١١/ ٤٥٠ - ٤٥٤): "ومما أنكره الناس على علي بن عاصم -وكان أكثر كلامهم فيه- بسبه حديث محمد بن سوقة ثم ساق الحديث بأسانيد مختلفة وتقل عن يعقوب بأنه: حديث كوفي منكر، يرون أنه لا أصل له مسندًا ولا موقوفًا ...
قال الخطيب: "وقد روى حديث ابن سوقة عبدُ الحكيم بن منصور مثل ما رواه علي بن عاصم، رُوي كذلك عن سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل ومحمد بن الفضل بن عطية وعبد الرحمن بن مالك ابن مغول والحارث بن عمران الجعفري، كلهم عن أبن سوقة، وقد ذكرنا أحاديثهم في مجموعنا لحديث محمد بن سوقة، وليس شيء منها ثابتًا". انتهي.
وقال الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٣٨) بعد أن نقل كلام الخطيب: "ويُحكي عن أبي داود أنه قال: عاتب يحيى بن سعيد القطان علي بن عاصم في وصل هذا الحديث، وإنما هو عندهم منقطع، وقال له: إن أصحابك الذين سمعوه معك لا يسندونه، فأبى أن يرجع".
ثم قال الحافظ: "وله شاهد أضعف منه من طريق محمد بن عبيدالله العرزمي، عن أبي الزبير، عن جابر ساقها ابن الجَوْزي في الموضوعات".
قلت: وهو كما قال، فإن العرزمي متروك، فلا يستشهد به.