للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: معنى قوله: "من أحصاها" معناه: أحصى من أسماء اللَّه تسعًا وتسعين دخل الجنة، أي عمل بمقتضاها، سواء أحصى مما جاء في حديث الوليد بن مسلم، أو من سائر ما دلّ عليه الكتاب أو السنة، ذكر هذا المعنى الشيخ أحمد البيهقيّ رحمه اللَّه".

وإليه ذهب أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى بأنّ هذه الأسماء مدرجة في الحديث، وليس من كلام النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهذا جمعها قومُ آخرون على غير هذا الجمع، واستخرجوها من القرآن منهم: سفيان بن عيينة، والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم. وهذا كلّه يقتضي أنها عندهم مما يقبل البدل، فإن الذي عليه جماهير المسلمين أن أسماء اللَّه أكثر من تسعة وتسعين" انظر للمزيد: "مجموع الفتاوى" (٦/ ٣٨٠ - ٣٨١).

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" -في تفسير سورة الأعراف آية (١٨٠) -: "والذي عوّل عليه جماعة من الحفّاظ أنّ سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصّنعانيّ، عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم انّهم قالوا ذلك. أي أنهم جمعوها من القرآن كما ورد عن جعفر بن محمد، وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغويّ".

وقال: "ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى ليستْ منحصرة في التسعة والتسعين بدليل حديث ابن مسعود الآتي. . . وذكر الفقيه الإمام أبو بكر بن العربيّ أحد أئمّة المالكيّة في كتابه "الأحوذي في شرح الترمذيّ" أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء اللَّه ألف اسم".

قلت: ما ذُكر عن سفيان بن عيينة أنه جمع تسعة وتسعين اسمًا من كتاب اللَّه هو ما أخرجه ابن منده في كتاب التوحيد (٣/ ٣١٢) فقال: أخبرنا خيثمة بن سليمان، ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، ثنا عبد اللَّه بن الزبير الحميديّ، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ للَّه تسعة وتسعين اسمًا مائة غير واحد من حفظها أو من أحصاها دخل الجنة".

روى حيان بن نافع بن صخر هذا الحديث عن ابن عيينة بإسناده مثله. ثم ذكر حيان أن داود بن عمرو سأل ابن عيينة أن يملي عليه التسعة والتسعين اسمًا مائة إلّا واحدًا من كتاب اللَّه عزّ وجلّ فوعد أن يخرجها، قال: فلما أن طالت سألنا أبا زيد فأملى علينا، فأتينا سفيان فعرضنا عليه فنظر فيها أربع مرّات فقال: هي هذه، فقلنا: اقرأ علينا فقرأها في فاتحة الكتاب خمسة أسماء: يا اللَّه، ياربّ، يا رحمن، يا رحيم، يا مالك. وفي البقرة ستة وعشرون اسمًا: يا حفيظ، يا قدير، يا عظيم، يا حكيم، يا تواب، يا بصير، يا واسع، يا بديع، يا سميع، يا كافي، يا رؤوف، يا شاكر، يا اللَّه، يا واحد، يا مقتدر، يا حليم، يا فاطر، يا باسط، يا اللَّه لا إله إلا هو، يا حي، يا قيوم، يا عليّ، يا عظيم، يا ولي، يا غني، يا حميد. وفي آل عمران أربعة أسماء: يا قائم، يا وهاب، يا سميع، يا خبير. وفي النساء: ستة أسماء يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا عفو، يا مغيث، يا وكيل. وفي الأنعام

<<  <  ج: ص:  >  >>