عشرة عشرة، ثم كل عشرة منهم حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة.
رواه البيهقي (٤/ ١٢) وقال: "هذا أصح ما في هذا الباب، وهو مرسل، أخرجه أبو داود في "المراسيل" (٤١٧) بمعناه قال: حدثنا هنَّاد، عن أبي الأحوص، عن عطاء، عن الشعبي، قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد على حمزة سبعين صلاة، بدأ بحمزة فصلى عليه، ثم جعل يدعو بالشهداء فيصلي عليهم، وحمزة مكانه. قال: وهذا أيضًا منقطع، وحديث جابر موصول، وكان أبوه من شهداء أحد". انتهى كلام البيهقي.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بحمزة، وقد مُثِّل به، ولم يُصَلِّ على أحد من الشهداء غيره، رواه أبو داود (٣١٣٧) عن عباس العنبري، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أسامة، عن الزهري، عن أنس فذكره. وصححَّه الحاكم (٣/ ١٩٦) وقال: "على شرط مسلم"، وقال النووي في "المجموع"(٥/ ٢٦٥): فرواه أبو داود وإسناده حسن، أو صحيح".
قلت: لم يتنبه هؤلاء إلى أن في الإسناد علة خفية ذكرها البخاري كما في "العلل الكبير" (١/ ٤١١) للترمذي أنه سأل البخاري عن حديث عبد الرحمن بن كعب، عن جابر بن عبد الله في شهداء أحد فقال: " هو حديث حسن"، وحديث أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن أنس غير محفوظ، غلط فيه أسامة بن زيد"، انتهى.
فأبدى البخاري علة خفية في الإسناد والمتن، فأما الإسناد فما رواه الليث بن سعد، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر هو الأصح من رواية أسامة بن زيد عن ابن شهاب، وأما المتن فجابر يؤكد أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّ على أحد من شهداء أُحد، وكان فيهم أبوه عبد الله، فهو أعرف الناس بالصلاة على شهداء أُحد بخلاف ما ذكره أسامة بن زيد فإنه جعل حمزة ممن صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم رأيت أن أسامة بن زيد اضطرب في متن الحديث، فرواه أبو داود (٣١٣٥) من طريق ابن وهب، عن أسامة بن زيد بإسناده بأن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يُصَلِّ عليهم، وكذلك رواه الترمذي (١٠١٦) من طريق أبي صفوان، عن أسامة في سباق طويل وفيه أيضًا:"فدفنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُصَلِّ عليهم" قال الترمذي: حديث أنس حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه".
فمرة قال: "لم يُصَلِّ على أحد من الشهداء غير حمزة" وأخرى في الصلاة على شهداء أُحد نفيًا عامًا، فلعل هذا يعود إلى سوء حفظه، لأنه وصف به، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يهم" وهو أسامة بن زيد الليثي مولاهم، أبو زيد المدني، وبهذا صحَّ تعليل البخاري لهذا الحديث، والحافظ في "التلخيص" (٧٥٩)، وكذا أعله الدارقطني.
وقال الحافظ ابن القيم في "تهذيب السنن": "والذي يظهر من أمر شهداء أُحد أنه لم يُصَلِّ عليهم عند الدفن، وقد قتل معه بأحد سبعون نفسًا، فلا يجوز أن تخفي الصلاة عليهم، وحديث