إن كان أبو سلمة مجهولًا فهو لم ينفرد به، بل تابعه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطيّ، عن القاسم بالإسناد المقدم، رواه البزار في "البحر الزّخار" (١٩٩٤)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨).
إلّا أن عبد الرحمن بن إسحاق أبا شيبة الواسطيّ ضعيف عند جماهير أهل العلم، لكن هذه المتابعة تقوي الحديث مع شاهده الضعيف الذي رُوي عن أبي موسى الأشعريّ، أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٣٤١) وفيه جهالة وانقطاع؛ فإن عبد اللَّه بن زبيد الياميّ الكوفي مجهول، ولم يلق أبا موسى الأشعريّ. وقال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ١٣٦ - ١٣٧) بعد أن عزاه للطبرانيّ: "وفيه من لم أعرفه".
فوائد مهمّة:
الأصل في إثبات الأسماء والصّفات أو نفيها عن اللَّه تعالى هو الكتاب والسنة الصحيحة، فما ورد فيهما يجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما يجب نفيه.
وأما ما لم يرد إثباته ونفيه فلا يصح استعماله في باب الأسماء والصفات.
قال الإمام أحمد: "لا يوصف اللَّه إلّا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نتجاوز القرآن والسنة"، انظر: مقدمة العرش للذهبي بقلم الدكتور محمد خليفة التميميّ (١/ ٢٣٨).
وعلى هذا فأسماء اللَّه توقيفية غير محصورة بعدد معين.
قال الحافظ ابن القيم في كتابه القيم "بدائع الفوائد" (١/ ٢٩٣): "إنّ الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تُحَدُّ بعدد، فإنّ للَّه تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل، كما في الحديث الصحيح: "أسألك بكلِّ اسم هو لك سمّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك"، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام:
١ - قسم سمّي به نفسه، فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم يُنزل به كتابه.
٢ - وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده.
٣ - وقسم استأثر به في علم غيبه، فلم يُطلع عليه أحدًا من خلقه.
ولهذا قال: "استأثرت به" أي انفردت بعلمه، وليس المراد: انفراده بالتّسمي به؛ لأنّ هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه، ومن هذا قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الشّفاعة: "فيفتَحُ عليَّ من مَحامده بما لا أُحسنُه الآن". وتلك المحامد هي بأسمائه وصفاته" اهـ.
وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ للَّه تسعة وتسعين اسمًا. . . " فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد به الحصر لقال: "ما للَّه إلا تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة" أو نحو ذلك.
فمعنى الحديث أنّ هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة.
وأمّا الإلحاد في كلام العرب فهو العدل عن القصد، والميل والجور والانحراف، ومنه اللّحد