التراب، ثم انصرفوا عنك فأتاك فتانا القبر "منكر" و"نكير" أصواتهما مثل الرعد القاصف, وأبصارهما كالبرق الخاطف، قد سدلا شعورهما فتلتلاك وتوهلاك وقالا: من ربك؟ وما دينك؟ ".
قال: يا نبي الله! ويكون معي قلبي الذي معي اليوم؟ . قال: "نعم". قال: إذًا أكفيكهما بالله تعالي.
قلت: وهذا مرسل.
وقال رحمه الله تعالى: وأخبرنا محمد بن عبد الله، ومحمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن الفضيل بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي غطفان، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنت يا عمر إذا انتهى بك إلى الأرض فحفر لك ثلاثة أذرع وشبر، ثم أتاك "منكر" و"نكير" أسودان، يجران أشعارهما، كأن أصواتهما الرعد القاصف، وكأن أعينهما البرق الخاطف، يحفران الأرض بأنيابهما، فأجلساك فزعًا فتلتلاك وتوهلاك؟ ". قال: يا رسول الله! وأنا يومئذ على ما أنا عليه؟ . قال: "نعم". قال: أكفيكهما بإذن الله يا رسول الله.
قلت: وفيه محمد بن عمر وهو الواقدي متروك.
وقال رحمه الله تعالى: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في (التاريخ) أخبرني سليمان بن محمد بن ناجية، ثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، ثنا علي بن عبد الله المدني، ثنا مفضل بن صالح، عن إسماعيل بن [أبي] خالد، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر! كيف أنت إذا كنت في أربع من الأرض في ذراعين فرأيت "منكرًا، و "نكيرًا؟ ". قال: يا رسول الله! وما منكر ونكير؟ قال: "فتانا القبر، أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، معهما "مرزبة" لو اجتمع عليها أهل مني ما استطاعوا رفعها، هي أهون عليهما من عصاي هذه، فامتحناك فإن تعاييت أو تلويت ضرباك بها ضربة تصير بها رمادًا". قال: يا رسول الله: وإني على حالتي هذه؟ قال: "نعم". قال: أرجو أكفيكهما.
قلت: قال في "الاعتقاد" (ص ٢٢٣): غريب بهذا الإسناد، تفرد به مفضل هذا، وقد رويناه من وجه آخر عن ابن عباس، ومن وجه آخر صحيح، عن عطاء بن يسار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا في قصة عمر، وقال: "ثلاثة أذرع في عرض ذراع وشبر" ولم يذكر المرزبة، انتهى.
قلت: مفضل بن صالح أبو جميلة الكوفي النخَّاس - بالنون والخاء - قال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث" وأورد حديثه هذا الذهبي في "الميزان"(٤/ ١٦٨) من وجه آخر عن مفضل بن صالح، حدثنا إسماعيل من أبي خالد، عن أبي شمر، عن عمر فذكره.
وقال: أبو شهم، ويقال: أبو شمر فيه جهالة. وقال في ترجمة "أبو شهر" عن عمر، وعنه ابن أبي خالد بخبر منكر: في منكر ونكير، مر في مفضل بن صالح، لا يُعرف، وقيل: مصحف أبو شهم، وقيل: أبو شمر، وقيل: أبو سُهيل" انتهى (٤/ ٥٣٧).