للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الباب حديثان آخران عن ابن عباس وحسان بن ثابت.

أما حديث ابن عباس فقال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج". رواه أبو داود (٣٢٣٦)، والترمذي (٣٢٠)، والنسائي (٢٠٤٥)، وابن ماجه (١٥٧٥) كلهم من طريق محمد بن جحادة، قال: سمع أبا صالح، يحدث عن ابن عباس فذكر الحديث، ولفظهم سواء غير أن ابن ماجه رواه مختصرًا، وأبو صالح هو باذام، ويقال: باذان مولى أم هانئ بنت أبي طالب ضعَّفه أَكثر الأئمة منهم أبو حاتم قال: "يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه تفسير، وما أقل ما له من المسند، وفي ذلك التفسير ما لم يتابعه عليه أهل التفسير، ولم أعلم أحدا من المتقدمين رضيه"، وقال الجوزجاني: "إنه متروك"، ونقل ابن الجوزي عن الأزدي أنه قال: "كذاب" وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم"، وقال ابن حبان: "يحدث عن ابن عباس ولم يسمع منه"، وقال أحمد: "كان ابن مهدي ترك حديث أبي صالح".

وأما ابن معين فقال: "ليس به بأس، وإذا روى عن الكلبي فليس بشيء"، وقال ابن المديني عن القطان: "لم أر أحدًا من أصحابنا تركهـ، وما سمعت من الناس يقول فيه شيئًا"، ووثَّقه العجلي، وقد صحَّح حديثه هذا ابن حبان (٣١٧٩، ٣١٨٠) وحسَّنه الترمذي، وأخرجه الحاكم (١/ ٣٧٤) كلهم من هذا الوجه.

وقد زعم ابن حبان أن أبا صالح هو: "ميزان، وهو ثقة"، وقال أيضًا: "أبو صالح: اسمه ميزان بصري ثقة، وليس بصاحب محمد بن السائب الكلبي"، انتهى. واستغربه الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٣٧) وقال: "ضعيف" وقال في التقريب: "ضعيف مدلس".

وأما الحاكم فأَكَّد أنه باذان، ونفى أن يكون السمان الزيات ذكوان أبو صالح من رجال الشيخين ثم قال: "لكن حديث متداول فيما بين الأئمة، وقد وجدت له متابعا من حديث سفيان الثوري في متن الحديث فخرجته" انتهى.

فالذي يظهر من أقوال أهل العلم في أبي صالح أنه ضعيف، فإن من علم حجة على من لم يعلم.

وأما حديث سفيان الذي أشار إليه الحاكم فهو ما رواه ابن ماجه (١٥٧٤)، والحاكم (١/ ٣٧٤)، وأحمد (١٥٦٥٧) كلهم من طرق، عن سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيِم القارئ، عن عبد الرحمن بن بهمان، عن عبد الرحمن بن حسان، عن أبيه حسان بن ثابت قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوّارات القبور"، وعبد الرحمن بن بهمان لم يرو عنه سوى ابن خُثيم، ولم يُوثر فيه توثيق من أحد غير أن ابن حبان أورده في "الثقات"، وكذا العجلي، فهو مجهول على رأي أهل العلم، وأما الحافظ فجعله "مقبولًا" لتوثيق ابن حبان له كما هو معروف من تتبع "المقبولين" في "التقريب"، ولذا حسَّنه بعض أهل العلم في الشواهد، ومنهم الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>