وكذلك لا يصح ما رُوي عن علي بن أبي طالب قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا نسوة جلوس فقال:"ما يُحبسكن؟ " قُلن: ننتظر الجنازة، قال:"هل تغْسِلْن؟ " قُلن: لا، قال:"هل تحملن؟ " قلن: لا، قال:"هل تُدلين فيمن يُدلي؟ " قلن: لا، قال:"فارجعن مأزوراتٍ غير مأجورات" فهو ضعيف جدًّا، رواه ابن ماجه (١٥٧٨) عن محمد بن المصفي، قال: حدثنا أحمد بن خالد، قال: حدثنا إسرائيل، عن إسماعيل بن سلْمان، عن دينار أبي عمر، عن ابن الحنفية، عن علي بن أبي طالب فذكر الحديث.
وفيه إسماعيل بن سلمان بن أبي المغيرة التيمي قال النسائي:"متروك"، وضعَّفه أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود والدارقطني وغيرهم، ودينار بن عمر الأسدي، أبو عمر البزَّار قال فيه الحافظ:"صالح الحديث رمي بالرفض".
قلت: هذا الرجل مختلف فيه، فقد وَثَّقه وكيع -على ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه- وقال أبو الفتح الأزدي:"متروكٌ"، وقال الخَلِيلي في "الإرشاد": "كذَّاب"، وقال البخاري:"كان مختاريًا من شُرط المختار بن أبي عُبَيد (الكذاب)، ونحن نخشى أن يكون وكيع إنما وَثَّقَ غير الراوي عن محمد بن الحنفية، فإذا كان ذلك كذلك -وهو المرجح- فهو متروك" والله تعالى أعلم.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني ميتًا- فلما فرغنا انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرفنا معه، فلما حاذى بابه وقف فإذا نحن بامرأة مقبلة، قال: أظنه عرفها، فلما ذهبت إذا هي فاطمة [عليها السلام] فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟ " فقالت: أتيت يا رسول الله، أهْلَ هذا البيت فرحَّمْت إليهم ميتهم، أو عزيتهم به، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلعلَّك بَلغتِ معهم الكُدَى" قالت: معاذ الله! وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر، قال:"لو بلغت معهم الكُدَى" فذكر تشديدًا في ذلك، فسألت ربيعة عن الكدى، فقال: القبور فيما أحسب.
رواه أبو داود (٣١٢٣)، والنسائي (١٨٨٠) كلاهما من طريق ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وأخرجه ابن حبَّان في صحيحه (٣١٧٧)، والحاكم (١/ ٣٧٣ - ٣٧٤)، والإمام أحمد (٦٥٧٤) كلهم من هذا الطريق. قال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين".
والصواب: أنه ليس على شرط أحدهما، وفي إسناده ربيعة بن سيف المعافري ضغَّفه النسائي في "السنن"، وقال البخاري:"عنده مناكير"، وقال المنذري:"ربيعة بن سيف المعافري من تابعي أهل مصر وفيه مقال".
وأما ابن حبان فإنه وإن كان أخرج الحديث في صحيحه ولكنه قال في "الثقات": "يخطئ كثيرًا"، وتساهل فيه العجلي فقال:"ثقة".