للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لصاحبه: "إنك إن أحسنتَ إليّ شكرتك إن شاء الله، وإن ائتمنتني لم أخنك إن شاء الله" في نحو ذلك من الكلام، وهو لا يريد به الشك في كلامه. وقد قبل: أنه دخل المقبرة، ومعه قوم مؤمنون محققون بالإيمان، والآخرون يظن بهم النفاق، فكان استثناؤه منصرفًا إليهم دون المؤمنين، فمعناه اللحوق بهم في الإيمان، وقيل إن الاستثناء إنما وقع في استصحاب الإيمان إلى الموت لا في نفس الموت" انتهى كلامه.

وقد رُوي عن أبي مُويهبة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاستغفار لأهل بقيع، قال: بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من جوف الليل، فقال: "يا أبا مُوَيْهِبة! ، إنّي قد أُمرتُ أن أستغفِرَ لأهلِ البقيعِ، فانطلقْ معي" فانطلقتُ معه، فلما وقف بين أظهرهم، قال: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أهل المقابر! ، ليَهْنِ لكم ما أَصْبَحْتُم فيه مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ الناسُ، لَو تَعْلَمُونَ ما نَجَّاكُمُ اللهُ مِنْهُ، أَقبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ أَوَّلَهَا آخِرُها، الآخرَةُ شَرٌّ مِنَ الأولَى قال: ثم أقبل عليّ، فقال: "يا أبا مُوَيْهِبة! إني قد أوتيتُ مَفاتيحَ خَزائن الدُّنْيا والخُلْدَ فيها ثُمَّ الجَنَّةَ، وخُيِّرْتُ بينَ ذلك وبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي عزَّ وجَلَّ والجنة" قال: قلتُ: بأبي وأمِّي، فخُذْ مفاتيح الدنيا والخُلد فيها، ثم الجنة، قال: "لا والله يا أبا مُويْهِبة! ، لقد اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي والجَنَّة" ثم استغفَرَ لأهل البقيع، ثم انصرف، فبُدئَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي قبضه الله عز وجل فيه حين أصبح.

رواه الإمام أحمد (١٥٩٩٦، ١٥٩٩٧) من وجهين: أحدهما: من طريق يعلى بن عبيد، عن عبيد بن جبير، عن أبي مُوَيهِبة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والوجه الثاني: من طريق عبد الله بن عمر العبلي، قال: حدثني عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد الله بن عمرو، عن أبي مُوَيهِبة واللفظ للطريق الثاني.

وفي الإسنادين عبيد بن جبير لم يوثقه أحد، ذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو "مقبول" حسب تعريف ابن حجر، إلا أنه لم يترجم له في "التقريب"، لأنه من رجال "التعجيل" وفي الإسنادين أيضًا بعض المجاهيل.

وأما قول الحاكم (٣/ ٥٥ - ٥٦): "صحيح على شرط مسلم" فهو ليس كما قال، فإن عبد الله بن عمر العبلي ليس من رجال مسلم، لعله وقع له وهم فظن أنه عبيد الله بن عمر بن حفص فقال ما قال. والصحيح أنه عبد الله بن عمر العبلي كما في المصادر الأخرى.

وأما ما رُوي عن ابن عباس قال: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: "السلام عليكم يا أهل القبور! يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر" فهو ضعيف.

رواه الترمذي (١٠٥٣) عن أبي كريب، حدثنا محمد بن الصلت، عن أبي كدينة، عن قابوس ابن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.

قال الترمذي: "حسن غريب، وأبو كدينة اسمه يحيى بن المهلب، وأبو ظبيان اسمه حصين بن

<<  <  ج: ص:  >  >>