"مسنده" (١٧٢٣) قال: حدثنا شعبة، قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول: حدثني أحد ابني أمّ هاني، فلقيت أفضلهم وكان اسمه جعدة، وكانت أم هانئ جدته، فحدثني عن جدته أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، فدُعي بشراب فشرب، ثم ناولها فشربتْ. فقالت: يا رسول الله، أما إني كنتُ صائمة! فقال رسول الله: "الصائم المتطوع أمين نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر".
قال شعبة: فقلت له: أأنت سمعتَ هذا من أمّ هانيء؟ قال: لا أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أمّ هانيء.
قال الترمذي: ورواية شعبة أحسن، هكذا حدثنا محمود بن غيلان، عن أبي داود، فقال: "أمين نفسه".
حدثنا غير محمود عن أبي داود، فقال: "أمير نفسه أو أمين نفسه" على الشّك. وهكذا رُوي من غير وجه عن شعبة "أمين" أو "أمير نفسه" على الشّك. انتهى.
وجعدة هو ابن هبيرة، وهو من زوجها هبيرة الذي هرب من مكة يوم الفتح، قال البخاري في التاريخ الكبير (٢/ ٢٣٩): "لا يعرف إلا بحديث فيه نظر". ونقل عنه ابن عدي في الكامل (٢/ ٦٠١) وأقره. وقال الذهبي في الميزان: "لا يدري من هو؟ ".
وأبو صالح اسمه باذام، ويقال: باذان ضعيف مدلّس.
وقد تزيد هذه الطريق اضطرابًا في الإسناد، إذْ بين سماك بن حرب وبين أمّ هانئ رجلان: أحدهما ضعيف، والثاني مجهول.
والخلاصة أن هذا الحديث لا يصح من وجه من الوجوه، بل باجتماع هذه الوجوه تزيده اضطرابًا. فلا تغترن بقول الحاكم (١/ ٤٣٩): "صحيح الإسناد"، وفيه أبو صالح مولى أم هاني ضعيف مدلس.
وفي الحديث -وإن كان فيه مقال- دليل على جواز الإفطار من صوم النفل من غير عذر بدون قضاء. وعليه تدل الأحاديث الأخرى بخلاف من استمسك بعموم قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣].
وأما إن كان الصوم واجبًا كقضاء رمضان أو نذر فلا يجوز الإفطار بغير عذر، وإن أفطر فعليه القضاء.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن أبي سعيد أنه قال: صنع رجلٌ طعامًا، ودعا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقال رجل: إني صائم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخوك صنع طعامًا ودعاك، أفطرْ واقْضِ يومًا مكانه".
رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٢٣١٧) قال: حدثنا محمد بن أبي حميد، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة الزرقي، عن أبي سعيد، فذكره.
ومحمد بن أبي حميد وأهل المدينة يقولون: حماد بن أبي حميد. قال البخاري: منكر الحديث. وضعّفه أحمد وابن معين وغيرهما.