ولكن قال الإمام أحمد في "مسند" (١٥٩٦٣): "هند بن حارثة هذا كان من أصحاب الحديبية، وأخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بصيام عاشوراء وهو: أسماء بن حارثة فإنه قال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه فقال: "مرْ قومَك بصيام هذا اليوم" قال: أرأيت إن وجدتهم قد طعموا؟ قال: "فليتموا آخر يومهم".
رواه عن عفان، قال: حدّثنا وُهيب، حدّثنا عبد الرحمن بن حرملة، عن يحيى بن هند بن حارثة -وكان هند من أصحاب الحديبية ... فذكره. فحدثني يحيي بن هند، عن أسماء بن حارثة: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه" فذكر الحديث.
ومن طريق حرملة رواه أيضا البزّار -كشف الأستار (١٠٤٨) -.
ويحيى بن هند بن حارثة لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن حرملة، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو مقبول في اصطلاح الحافظ.
وهو كذلك لأنه رواه ابن حبان في "صحيحه" (٣٦١٨) من طريق سهل بن بكار، قال: حدثنا وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن أسماء بن حارثة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قومه، فذكر الحديث.
وهذه متابعة قوية ليحيي بن هند بن حارثة.
فإما أن نقول: إنّ المبعوث هو هند بن أسماء بن حارثة أو عمّه هند بن حارثة أو أخوه أسماء بن حارثة وهو بعيد. والصّحيح أنه كان واحدًا منهم بالتعيين إلا أن المؤرخين لم يضبطوه، والحديث صحيح ولا يؤثر عدم معرفة المبعوث على صحة الحديث.
وقد أطال أهل العلم الكلام في تعين المبعوث، وما ذكرته هو خلاصته، ومنهم من ادّعى الاضطراب في الإسناد من أجل هذا الخلاف. والصحيح أنه لا اضطراب فيه؛ لأنّ المبعوث صحابي ولا يضر الجهل باسمه كما هو معروف.
• عن محمد بن صيفي، قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء: "منكم أحد طعم اليوم؟ " قلنا: منا من طعم، ومنا من لم يطعم. قال: "فأتموا بقية يومكم، من كان طعم، ومن لم يطعم، فأرسلوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم".
قال يعني أهل العروض: حول المدينة.
صحيح: رواه النسائي (٢٣٢٠)، وابن ماجه (١٧٣٥)، والطحاوي في "مشكله" (٢٢٧٧)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٠٩١)، وابن حبان (٣٦١٧) كلّهم من حديث حصين، عن الشعبي، عن محمد ابن صيفي، فذكره. وإسناده صحيح.
وفي الباب ما رُوي عن أبي هريرة، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم صائمًا يوم عاشوراء فقال لأصحابه: "من كان أصبح منكم صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصاب من غداء أهله فليتم بقية يومه".