رواه ابن الجوزيّ في "العلل المتناهية" (٢/ ٧١) من طريق عيسي بن إبراهيم القرشيّ، عن سلمة بن سليمان الجزريّ، عن مروان بن سالم، عن ابن كردوس، فذكره.
قال ابن الجوزيّ: "هذا حديث لا يصح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفيه آفات. أما مروان بن سالم فقال أحمد: ليس بثقة، وقال النسائيّ والدّارقطني والأزديّ: متروك. وأما سلمة بن سليمان فقال الأزدي: هو ضعيف، وأما عيسى فقال يحيى: ليس بشيء". انتهى.
وفيه أيضًا عن أبي أمامة الباهليّ، وعقبة بن عامر ولا يصح.
وخلاصة القول: إنّه لا يوجد في نزول اللَّه تبارك وتعالى في ليلة النّصف من شعبان وفضله حديث يعتمد عليه. ولكن ورود هذه الأحاديث الكثيرة في نزول اللَّه تبارك وتعالى في ليلة النصف من شعبان يدل على أن له أصلًا. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة نزول تبارك وتعالى كل ليلة، وليلة النصف من شعبان داخل فيها.
وأما إحياء ليلة النصف من شعبان، وإقامة مجالس الذكر والدعاء، وتقسيم الأطعمة على الفقراء والمساكين وغيرها من أنواع العبادات فلم يرِدُ فيها شيءٌ.
قال العقيليّ في "الضعفاء" (٣/ ٢٩): "وفي النزول في ليلة النصف من شعبان أحاديث فيها لين، والرواية في النزول في كل ليلة أحاديث ثابتة صحاح، فليلة النصف من شعبان داخلة فيها إن شاء اللَّه".
وقال القاسميّ في كتابه "إصلاح المساجد": "ونقل عن أهل التعديل والتجريح قولهم: إنه ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث صحيح".
وقد سئل سماحة الشّيخ ابن باز -رحمه اللَّه- عن ليلة النّصف من شعبان فأجاب بأن الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان كلّها ضعيفة، وأن إحياء هذه اللّيلة بدعة، لم يثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا عن أحد من الصّحابة إحياء ليلة النصف من شعبان، إنّما روي عن بعض أهل الشّام أنّهم كانوا يجتمعون ليلة النصف من شعبان لإحيائها، وهي كلّها مردودة لقول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلّ عمل ليس عليه أمرنا فهو مردود" وأطال رحمه اللَّه تعالى في بيان بدعة إحياء هذه اللّيلة. انظر: مجموع فتاوى ابن باز (١/ ١٨٦ - ١٩٢).
وهل العرش يخلو من نزوله سبحانه وتعالى أم لا؟
فقول جمهور أهل الحديث أنه لا يخلو.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهو المأثور عن الأئمّة المعروفين بالسنة".
وقال: "ولم ينقل عن أحد منهم بإسناد صحيح ولا ضعيف أن العرش يخلو منه، وما ذكره عبد الرحمن (أي ابن محمد بن إسحاق بن منده الأصبهانيّ المتوفى سنة (٤٧٠ هـ) من تضعيف الرواية عن إسحاق، فقد ذكرنا الرواية الأخرى الثابتة التي رواها ابن بطّة وغيره. وذكرنا أيضًا