- صلى الله عليه وسلم - يقبِّلُ وهو صائم، وأيُّكم يملك إِرْبه كما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يملك إرْبه".
قولها: "إرْبه" بفتح الهمزة وكسرها، أصله: العضو، وهو هنا كناية عن الجماع. كأنها تمنع من ذلك خوفا من أن يقع الصائم في محظور، لا أنها تحرم ذلك، ولا أنها كانت ترى ذلك من خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال القرطبي في المفهم (٣/ ١٦٤).
لأنه جاء في موطأ مالك في الصوم (١٧) عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن عائشة بنت طلحة أخبرته أنها كانت عند عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليها زوجها، وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وهو صائم. فقالت له: ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها؟ فقال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت: نعم.
قال ابن حجر في الفتح (٤/ ١٥٠): "إن فتوي عائشة هذه تدل على أنها لا ترى تحريمها، ولا كونها من الخصائص".
• عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلني. وهو صائم، وأنا صائمة.
صحيح: رواه أبو داود (٢٣٨٤)، وأحمد (٢٥٤٥٦) كلاهما من حديث سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله -يعني ابن عثمان القرشي-، عن عائشة، فذكرته.
وصححه ابن خزيمة (٢٠٠٤) من وجه آخر عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم بإسناده. ولفظه: أهوى إلىَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقبِّلني. فقلتُ: إنّي صائمة. قال: "وأنا صائم" فقبَّلني. وإسناده صحيح.
• عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل بعضَ نسائه وهو صائم. قلت لعائشة: في الفريضة والتطوّع؟ قالت عائشة: في كلِّ ذلك، في الفريضة والتّطوّع.
صحيح: رواه ابن حبان (٣٠٤٥) من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت (فذكرته).
وإسناده صحيح؛ غير أني لم أقف على هذا الإسناد في النسخة المطبوعة لمصنف عبد الرزاق، وإنما فيه (٨٤٠٨): عن معمر وابن جريج، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل بعض نسائه وهو صائم. وهذا إما فيه سقط فإنّ معمرًا في الطبقة السابعة توفي سنة (١٥٣ هـ) لا يمكن أن يدرك أبا سلمة بن عبد الرحمن وهو من الطبقة الثالثة، توفي سنة (٩٤ هـ)، أو فيه انقطاع.
ورواه أيضًا النسائي في "الكبرى" (٣٠٥٨) من طريق معمر، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة إلا أنه لم يذكر فيه قولها: "في الفريضة والتطوّع".
ولا يضرّ في صحة الحديث ما جاء من وجه آخر عن أبي سلمة، أن عمر بن عبد العزيز أخبره عن عروة، عن عائشة، كما رواه النسائي في "الكبرى" (٣٠١٦) وغيره.