فإنّ هذا الخبر سمع أبو سلمة عن عمر بن عبد العزيز، عن عروة، عن عائشة كما سمعه عنها بدليل قوله: "قلت لعائشة". فأدّى على الوجهين، وكلاهما محفوظ.
• عن عائشة، قالت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يمتنع من شيء من وجْهي وهو صائم.
حسن: رواه الإمام أحمد (٢٥٧٨٢) عن وكيع، عن زكريا، عن العباس بن ذريح، عن الشعبي، عن محمد بن الأشعث، عن عائشة، فذكرته.
رواه ابن حبان في صحيحه (٣٥٤٦) من وجه آخر عن وكيع، به إلا أنه قال فيه: "لا يلمس من وجهي ... ".
وهو تصحيف ومخالف لما ثبت في الصحيح من تقبيل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إياها.
وإسناده حسن من أجل محمد بن الأشعث فإنه حسن الحديث وقد توبع.
وهو ما رواه أحمد (٢٤٦٩٩) وصححه ابن خزيمة (٢٠٠١) كلاهما من حديث مطرف، عن عامر، عن مسروق، قال: قالت عائشة: "إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليظلّ صائمًا، ثم يقبّل ما شاء الله من وجهي حتى يفطر".
هذا لفظ أحمد. وأمّا لفظ ابن خزيمة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظل صائمًا لا يبالي ما قبَّل من وجهي حتى يفطر". وقال يوسف: "فقبَّل ما شاء من وجهي". وقال الزعفراني: "فقبَّل أيَّ مكان شاء من وجهي".
قال الدارقطني: "ويشبه أن يكون القولان صحيحين عن الشعبي، عن مسروق ومحمد بن الأشعث، عن عائشة" العلل (١٥/ ١٣٧).
وأما ما رُوي عنها: "أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقبلها وهو صائم ويمصُّ لسانها" فهو منكر. رواه أبو داود (٢٣٨٦)، والإمام أحمد (٢٤٩١٦)، وابن خزيمة (٢٠٠٣)، والبيهقي (٤/ ٢٣٤) كلّهم من طرق عن محمد بن دينار، حدّثنا سعد بن أوس العبدي، عن مِصدع أبي يحيى، عن عائشة، فذكرته.
قال ابن الأعرابي: "بلغني عن أبي داود أنه قال: هذا الإسناد ليس بصحيح".
قلت: وهو كما قال فإن فيه سلسلة من الضعفاء: محمد بن دينار مختلف فيه، والخلاصة فيه كما قال ابن حبان في "المجروحين" ترك الاحتجاج بما انفرد. وهذا مما انفرد به في قوله: "يمص لسانها".
وشيخه سعد بن أوس العبدي، قال فيه ابن معين: بصري ضعيف.
وشيخه مصدع أبو يحيى الأنصاري. قال ابن معين: لا أعرفه. وقال ابن حبان في "المجروحين" كان يخالف الأثبات في "الروايات" وينفرد بالمناكير.
وذكره العقيلي في "الضعفاء" وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول" أي إذا توبع، هذا لم يتابع عليه فهو لين الحديث.
وبه أعلّه ابن خزيمة فقال: "إن جاز الاحتجاج بمصدع أبي يحيى، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح".