بيتها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فقه الحديث:
أحاديث الباب تفيد اشتراط المحرم في الحجّ.
قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم، هل يجب عليها الحجّ؟ قال: لا. وقال أيضًا: المحرم من السبيل. وبه قال أيضًا أصحاب الرأي.
وقال الشافعي: "ليس المحرم شرطًا في الحجّ بحال، ولها أن تخرج مع حرّة مسلمة ثقة". وكذلك قال مالك: "تخرج مع جماعة النساء".
وقال الأوزاعي: "تخرج مع قوم عدول".
والأوّل معه الأدلة القاطعة؛ ولذا قال ابن المنذر: "تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كلّ واحد منهم شرطًا لا حجّة معه وعليه".
والمصالح الشرعية تقتضي أيضًا وجود المحرم في الأسفار عمومًا، وفي سفر الحجّ خصوصًا لما تتعرّض له المرأة من المخاطر والمضايقات في الأسفار.
• عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة لها زوجها، ولها مال ولا يأذن زوجها في الحجّ، قال: "ليس لها أن تنطلق إلّا بإذن زوجها".
حسن: رواه الطبراني في "الأوسط" (٤٢٥٩)، و"الصغير" (٥٨٢) -"مجمع البحرين" (١٦٦٩) -، والدّارقطني (٢٤٤١)، والبيهقي في "الكبري" (٥/ ٢٢٣)، وفي "المعرفة" (٧/ ٥٠١) كلّهم من طريق حسان بن إبراهيم، حدّثنا إبراهيم الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
قال الطبراني: "لم يرو عن نافع إلا إبراهيم الصّائغ، ولا عن إبراهيم إلا حسّان بن إبراهيم، تفرّد به محمد بن أبي يعقوب الكرمانيّ".
وقال البيهقي في "المعرفة": "تفرّد به حسان بن إبراهيم".
قلت: حسان بن إبراهيم هو الكرمانيّ أبو هشام العنزيّ من رجال الصحيح، وهو حسن الحديث، فلا يضر تفرده.
وأما مسألة استئذان المرأة زوجها في حجّ الفريضة ففيها تفصيل وهو: أنّ الأصل في الواجبات والفرائض المسارعة إلى أدائها، وليس للزوج حق في منع الزوجة عند وجوبها، بل الواجب عليه أن يتعاون معها في أداء الواجبات كالصّلاة والصوم والحج وغيرها. ولكن قد تقتضي المصلحة تأخير الحج لمدّة معينة لظروف خاصة؛ لأنّ الحجّ ليس كالصّلاة والصّوم لطول مدّته، فيستحب للمرأة أن تستأذن زوجها بخلاف الصّلاة والصوم، فإن منعها فلها أن تطيعه؛ لأنّ مخالفته قد تؤدي إلى النزاع والشقاق، والإسلام يأمر بإصلاح ذات البين.
وأما إن منعها منعًا مطلقًا فهذا لا يطاع؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل لها أن