بين أحاديث الرد والقبول فقالوا: أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه، ثم يهدي منه للمحرم.
وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم حتى لا يلزم طرح شيء من الأحاديث، وهو الذي رجّحه أيضًا الحافظ ابن القيم في زاده (٢/ ١٦٥)، والله تعالى أعلم.
• عن عبد الله بن أبي قتادة، قال: انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ، يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَلَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ، انْتَظِرْهُمْ، فَانْتَظَرَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لِلْقَوْمِ: "كُلُوا" وَهُمْ مُحْرِمُونَ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصيد (١٨٢١)، ومسلم في الحج (١١٩٦: ٥٩) كلاهما من طريق هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيّ، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني عبد الله بن أبي قتادة، به. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري قريب منه.
قوله:"بغيقة" موضع من بلاد بني غفار بين مكة والمدينة.
قوله:"وخشينا أن نقتطع" أي يقطعنا العدوّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:"أرفع فرسي شأوًا" أي أكلفة السير السريع، والشأو: الغاية والأمد.
قوله:"أَصَدْت" أي اصطدت.
ورواه البخاري في الصيد أيضًا (١٨٢٤)، ومسلم في الحج (١١٩٦: ٦٠) من طريق عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، به، نحوه.
وفيه، فقال:"هل منكم أحدٌ أمره أو أشار إليه بشيء؟ " قال: قالوا: لا. قال:"فكلوا ما بقي من لحمها".
• عن أبي قتادة، ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوُلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا