للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنّ امرأة أخبرتها أنها سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة يقول: "اكتب عليكم السعيّ فاسعوا".

وإسناده لا بأس به؛ فإنّ موسي بن عبيد روى عنه اثنان، ووثقه ابن حبان، وهو من رجال "التعجيل" إلّا أنّ فيه موسى بن عبيدة - بزيادة هاء كما في بعض نسخ المسند، والدارقطني (٥٨٧). وقد نبّه الحافظ في "التعجيل" بأنه "عبيد" بدون هاء.

ولم ينبه إليه الحافظ الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٢٤٧) فظنّ أنه الرّبذيّ فضعّفه من أجله.

قال ابن خزيمة: "هذه المرأة التي لم تسم في هذا الخبر هي: حبيبة بنت أبي تجراة".

ومنها: ما رواه ابن خزيمة (٢٧٦٤) عن محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، ثنا الخليل بن عثمان، قال: سمعت عبد الله بن بنيه، عن جدته صفية بنت شيبة، عن جدتها بنت أبي تجراة، قالت: كان لنا خلفة في الجاهلية، قالت: اطلعت من كوة بين الصفا والمروة، فأشرفت على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وإذا هو يسعى، وإذا هو يقول لأصحابه: "اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السّعي" فلقد رأيته من شدّة السّعي يدور الإزار حول بطنه حتى رأيت بياض بطنه وفخذيه". وفي الإسناد من لم توجد له ترجمة.

وبجموع هذه الطرق يكون الحديث حسنًا إن شاء الله تعالي.

وأمّا قول الحافظ في "الفتح" (٣/ ٤٩٨): "وله طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة مختصرًا، وعند الطبراني عن ابن عباس كالأولي وإذا انضمّت إلى الأولى قويتْ" ففيه نظر؛ فإنّ الحديث من طرقه الكثيرة يشدّ بعضه بعضًا، وحديث ابن عباس لا يفيد شيئًا فإن في إسناده المفضل بن صدقة متروك كما قال الهيثمي (٣/ ١٤٨)، وهو لا يصح أن يكون شاهدًا، ولذا لم أخرجه. انظر للمزيد "المنة الكبرى" (٤/ ١٩٦ - ١٩٧).

وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على أنّ السّعي فرض، وهو قول الكافة، وأنه لا يتحلّل ما لم يأت به.

عن عمرو بن دينار، قال: سألنا ابن عمر عن رجل طاف باليت سبعًا في عمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصّفا والمروة سبعًا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ..

وسألنا جابر بن عبد الله فقال: لا يقربنّها حتى يطوف بين الصفا والمروة. أخرجهما البخاري (١٧٩٣، ١٧٩٤).

وهذا مذهب عائشة، وابن عمر، وجابر بن عبد الله. وهو قول مالك، والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.

وذهب جماعة منهم: أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وفي رواية عن أحمد بأنه واجب وليس بفرض، وعلى من تركهـ دم.

<<  <  ج: ص:  >  >>