وقال البزار: "وقد رُوي هذا الحديث من وجوه، ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق".
قلت: وهو كما قال، فقد رواه عبد الرزاق (٨٨٣٠) وعنه الطبرانيّ (٣٥٦٦) عن ابن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: فذكر الحديث بطوله، ولم يسم عبد الرزاق بن مجاهد من هو؟ فإن كان هو عبد الوهاب فقال وكيع: كانوا يقولون: إن عبد الوهاب بن مجاهد لم يسمع من أبيه. أي فيه انقطاع. ثم هو ضعيف جدًا، كذبه سفيان، وقال ابن معين: ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وأما قول ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، فهو ليس على إطلاقه فإنه قد توبع في الإسناد السابق إلا أنه لا يعتبر به من أجل ضعفه الشديد.
فالخلاصة كما سبق قول البزار، وقال أيضًا وقد رُوي عن إسماعيل بن رافع، عن أنس نحو حديث ابن عمر.
قلت: رواه البزار -كشف الأستار (١٠٨٣) - بإسناده عن إسماعيل بن رافع، عن أنس بن مالك، نحو حديث ابن عمر. وإسماعيل بن رافع ضعيف.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عباس قال: "كان فلان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، قال: فجعل الفتي يلاحظ النساء وينظر إليهن. قال: وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجهه بيده من خلفه مرارًا. قال: وجعل الفتي يلاحظ إليهن. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ابنَ أخي، إنّ هذا يوم مَنْ ملك فيه سمعَه وبصرَه ولسانَه غُفر له".
رواه الإمام أحمد (٣٠٤١, ٣٣٥٠)، وأبو يعلى (٢٤٤١)، والطبراني (١٢٩٧٤)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٨٣٤, ٢٨٣٣) كلهم من طريق سُكين بن عبد العزيز، قال: حدثني أبي، قال: سمعت ابن عباس قال (فذكره).
وفي بعض الروايات أن الفتى هو الفضل بن عباس.
وسكين بن عبد العزيز بن قيس العبدي البصريّ مختلف فيه، فقال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: ثقة، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. ولكن قال النسائي: ليس بالقوي.
والخلاصة: أنه حسن الحديث؛ ولذا قال فيه الحافظ: "صدوق يروي عن الضّعفاء" فضعفه ليس منه. ولكن أبوه عبد العزيز بن قيس، قال فيه أبو حاتم: "مجهول" ومع هذا ذكره ابن حبان في "الثقات".
وقد تبرّأ منه ومن ولده ابنُ خزيمة، فقال: "أنا برئ من عهدة سُكين بن عبد العزيز وعهدة أبيه، ثم روي بإسناده من وجهين - عن سكين بن عبد العزيز، عن أبيه، بإسناده، مثله.
وذلك بعد أن ذكر قصة الفضل وأنه كان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعل ينظر إلى امرأة حسنة، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجهه عنها بدون ذكر الزيادات التي في حديث سكين بن عبد العزيز.
قلت: وهي قصة صحيحة مخرّجة في الصّحيح.