قال الترمذيّ:"ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود، رواه أبو الأحوص عن ابن مسعود رفعه بعضهم، ووقفه بعضهم عن ابن مسعود، هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه". ورواية أبي الأحوص المرفوعة التي أشار إليها الترمذيّ أخرجها الحاكم في المستدرك (١/ ٥٥٥) بإسناده عن صالح بن عمر، أنبأ إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع زيادة في الألفاظ. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر"، وعلق عليه الذهبي بقوله: "صالح ثقة خرج له مسلم، لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف" ولكن هذا الحديث لم ينفرد بروايته إبراهيم الهجري، والحديث له أسانيد وطرق، منها الإسناد الذي ذكره الترمذيّ وقد صححه، فالحديث صحيح.
• عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا تكلّم اللَّه بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلْصلَةً كجرّ السلسلة على الصّفا، فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السّلام، حتى إذا أتاهم جبريل فُزِّع عن قلوبهم. قال: فيقولون: يا جبريل، ماذا قال ربُّك؟ فيقول: الحق. فيقولون: الحقّ، الحقّ".
صحيح: رواه أبو داود (٤٧٣٨) عن أحمد بن أبي سُريج الرازيّ، وعلي بن الحسين بن إبراهيم، وعلي بن مسلم، قالوا: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد اللَّه، فذكره.
ورواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٢٨٠)، وابن حبان في صحيحه (٣٧) كلاهما من طريق علي بن الحسين بن إبراهيم وحده بإسناده، مثله.
ومسلم هو ابن صّبيح الهمدانيّ.
وقد رُوي موقوفًا على عبد اللَّه بن مسعود، رواه ابن خزيمة من طرق غير هؤلاء، عن أبي معاوية، والحكم لمن رفعه لأنّ معهم زيادة علم، ثم مثل هذا لا يُعرف إلّا بالوحي، وكان ابن مسعود يذكر هذا الحديث في تفسير قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} فلعله نفسه كان يرفعه أحيانًا، ويوقفه أحيانًا حسب الحال، وقد كان رضي اللَّه عنه شديد الاحتياط في رفع كلّ حديث إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعلّقه البخاريّ (١٣/ ٤٥٢ - ٤٥٣) عن مسروق، عن عبد اللَّه بن مسعود أنه قال: إذا تكلم اللَّه بالوحي سمع أهل السموات شيئا، فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت. . . وذكر مثله.
• عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول اللَّه له: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا، وسخرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس وتَرْبع، فكنتَ تظنُّ أنّك ملاقي يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني".