وللحديث طريق آخر، وهو ما رواه أحمد (١٤٨٣٩)، وابن حبان (٢٥٠٤) كلاهما من حديث حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقال الدارقطني في "العلل" (١٣/ ٣٨٧) بعد أن ساق الروايات عن هشام، والاختلاف عليه:
"ويشبه أن يكون حديث هشام بن عروة، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع محفوظا، وحديث هشام عن وهب بن كيسان أيضًا".
والعوافي: جمع عافية، وهو يطلق على كل من يطلب الرزق من الطير وغير ذلك.
وأما ما روي عن سعيد بن زيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق" فهو مرسل.
رواه مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٤٣) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. وتابعه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد اللَّه بن إدريس، ويحيى بن سعيد الأموي كلّهم عن هشام، عن أبيه مرسلا، كما ذكره الدارقطني في "العلل" (٤/ ٤١٥). وكذلك رواه سفيان بن عيينة عن هشام.
وكذلك رواه محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه.
أخرج حديث هؤلاء البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١١٢).
وخالفهم جميعا أيوب السختياني، فرواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، فزاد فيه: سعيد بن زيد. والوهم فيه ممن دونه، وهو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومن طريقه رواه أبو داود (٣٠٧٣)، والترمذي (١٣٧٨)، والبيهقي (٦/ ٩٩).
قال الترمذي: "حديث حسن غريب. وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا".
قال الدارقطني: "المرسل عن عروة أصح".
وقال في موضع آخر في "العلل" (١٤/ ١١٣): "الثقفي عن أيوب وهم، والصحيح عن هشام، عن أبيه مرسلا".
قلت: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ثقة ثقة، كما قال يحيى بن معين إلا أنه اختلط بأخرة قبل موته بثلاث سنين. قال الذهبي في "الميزان" (٢/ ٦٨١): "ولكن ما ضر تغيره حديثه؛ فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير" مستدلا بقول أبي داود: "جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيرا، فحجب الناس عنهم".
ولكن قد يهم الثقة، كما وهم هنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ٢٨٠): "اختلف فيه على هشام، فروته عنه طائفة، عن أبيه مرسلا، وهو أصح ما قيل فيه إن شاء اللَّه. وروته طائفة عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن