كلام أنس من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وأما عن رواية ابن عباد فقال: إنه أسقط كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأتى بكلام أنس ورفعه عَن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهذا خطأ قبيح". انتهى.
وذكر البيهقي (٥/ ٣٠٠) سفيان الثوري ممن وقفه على أنس، وقال: "ومالك بن أنس جعله من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتابعه على ذلك الدراوردي من رواية محمد بن عباد عنه". انتهى.
ورد على هؤلاء جميعًا الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ١٩٠ - ١٩١)، فقال: "يزعم قوم أنه من قول أنس بن مالك، وهذا باطل بما رواه مالك وغيره من الحفاظ في هذا الحديث إذ جعلوه مرفوعًا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد روى أبو الزبير، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله". انتهى.
وأما الحافظ ابن حجر فقال في التلخيص (٣/ ٢٨): "وقد بينت في المدرج أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس، وأن رفعها وهم، وبيانها عند مسلم".
ولكن قال في "الفتح" (٤/ ٣٩٨ - ٣٩٩) بعد أن نقل تعقب أبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني: "وليس في جميع ما تقدم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا؛ لأن مع الذي رفعه زيادة على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قول من رفعه. وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس، ولفظه: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو بعت من أخيك ثمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ". انتهى.
وأما حديث جابر بن عبد اللَّه فهو الآتي.
وللحديث طريق آخر: رواه أبو داود (٣٣٧١)، والترمذي (١٢٢٨)، وابن ماجه (٢٢١٧)، وصحّحه ابن حبّان (٤٩٩٣)، والحاكم (٢/ ١٩) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، ولفظه: "نهى عن بيع العنب حتى يسود، وبيع الحب حتى يشتد".
وزاد البعض: "وبيع الثمر حتى يزهو".
قال الترمذي: "حسن غريب".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".
ولكن أعله البيهقي (٥/ ٣٠٣) بما ليس بعلة، فقال: هذا الحديث تفرد به حماد بن سلمة عن حميد من بين أصحاب حميد. . . ".
قلت: حماد بن سلمة ثقة، فلا يضر تفرده، وقد قال الإمام أحمد: حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد، وأصح حديثًا. وقال أيضًا: هو أثبت الناس في حميد الطويل، سمع منه قديمًا، يخالف الناس في حديثه.
فمثل هذا لو تفرد فلا يضر تفرده، ويشهد له حديث ابن عمر على هذه الزيادة. انظر للمزيد