قلت: خارجة بن عبد اللَّه هو ابن سلمان بن زيد بن ثابت، قال ابن معين: "ليس به بأس". وقال أبو حاتم: "شيخ حديثه صالح". ومن هذا الطريق رواه أيضًا الطحاوي في شرحه (٤/ ٢٣)، وابن عبد البر في التمهيد (١٣/ ١٣٤).
ثم هو لم ينفرد به، بل تابعه عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبيه، كما سبق. ولكن أرسله مالك في البيوع (١٢) عن أبي الرجال، فلم يذكر فيه عائشة. والحكم لمن وصله.
قال الدارقطني في العلل (١٤/ ٤٢٥): "يرويه أبو الرجال، واختلف عنه: فرواه خارجة بن عبد اللَّه بن سليمان، عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة، وتابعه ابن أبي الرحال عن أبيه.
ورواه مالك عن أبي الرحال، عن عمرة مرسلًا. ومن عادة مالك أن يرسل أحاديث". انتهى.
فلم ير إرسال مالك علة قادحة في الحديث؛ لأنه جعل الإرسال من عادة مالك احتياطا، وغيره يرويه موصولًا.
وقال ابن عبد البر بعد أن أسند الحديث من طريق خارجة بن عبد اللَّه، وذكر من شواهده حديث ابن عمر، وأبي سعيد:
"وروي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه كثيرة كلها صحاح ثابتة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، وحتى تزهي، وحتى تحمر، وحتى تُطعم، وحتى تخرج من العاهة. ألفاظ كلها محفوظة، ومعناها واحد". انتهى.
وفي معناه ما روي عن أبي سعيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحها". قيل: وما صلاحها؟ قال: "تذهب عاهتها، ويخلص صلاحها".
رواه البزار -كشف الأستار (١٢٩١) - من طريق ابن أبي يعلى، عن عطية، عن أبي سعيد فذكره.
وذكره الهيثمي في "المجمع" (٤/ ١٠٢)، وعزاه أيضًا إلى الطبراني في الأوسط، وقال: "وفي إسناد البزار عطية، وهو ضعيف، وقد وثق. وفي إسناد الطبراني جابر الجعفي، وهو ضعيف، وقد وثق". انتهى.
وفي الباب أيضًا عن أبي أمامة، وسعد بن أبي وقاص، وعلي بن أبي طالب، وكلها ضعيفة.
فقه هذا الباب:
١ - العمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بيع الثمار قبل بدو الصلاح للعلة التي ذكرت في الحديث.
٢ - ولكن لو باع، واشترط القطع لجاز باتفاق أهل العلم؛ لأنه يأمن بالقطع من الهلاك بالآفة والعاهة. وفيه انتفاء العلة التي جاء النهي من أجلها.
٣ - وبدو الصلاح يختلف باختلاف أنواع الثمرة، ففي الرطب حتى يصير بسرا، وهو أن يرى فيه نقط الحمرة، والسواد. وفي الكوخ والكمثرى والمشمش والتفاح بأن يطيب بحيث يستطاع