أيها الناس، إن اللَّه تعالى يُعَرِّض بالخمر، ولعل اللَّه سينزل فيها أمرا، فمن كان عنده منها شيء فليبعه، ولينتفع به". قال: فما لبثنا إِلَّا يسيرا حتى قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه تعالى حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية، وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع". قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة، فسفكوها.
صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٧٨) عن عبيد اللَّه بن عمر القواريري، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام، حدثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال فذكره.
قوله: "يعرض بالخمر" أي بحرمتها، والتعريض هو خلاف التصريح من القول، وهو قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [سورة البقرة: ٢١٩].
وقوله: "فمن أدركته هذه الآية" هي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة المائدة: ٩٠].
• عن عبد الرحمن بن غنم أن الداري كان يُهدي لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل عام راوية خمر، فلما كان عام حرمت جاء براوية، فلما نظر إليه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحك، قال: "هل شعرت أنها قد حرمت بعدك؟ ". قال: يا رسول اللَّه، أفلا أبيعها فأنتفع بثمنها؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعن اللَّه اليهود، انطلقوا إلى ما حرم عليهم من شحوم البقر والغنم، فأذابوه، فجعلوه ثمنا له، فباعوا به ما يأكلون، وإن الخمر حرام، وثمنها حرام، وإن الخمر حرام، وثمنها حرام، وإن الخمر حرام، وثمنها حرام".
حسن: رواه أحمد (١٧٩٩٥) عن روح، حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال: سمعت شهر بن حوشب قال: حدثني عبد الرحمن بن غَنْم فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب، فقال الإمام أحمد: "ما أحسن حديثه". ووثّقه، وقال أيضًا: "ليس به بأس". وقال البخاري: "حسن الحديث"، وقوى أمره. وقال ابن معين: "ثقة". وقال أيضًا: "ثبت".
وضعفه شعبة وغيره، لكن قال ابن القطان: "لم أسمع لمن ضَعَّفَه حجة".
فمثله يحسن حديثه إذا لم يكن في حديثه ما ينكر عليه. ورواه عنه عبد الحميد بن بهرام، فإنه كان من أثبت أصحابه.
وحديثه هذا يشهد له ما سبق إِلَّا أن قوله: "أن الداري كان يهدي لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل عام راوية خمر" إنْ هو صديق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما في الحديث السابق، مع أنه ليس بثقفي ولا دوسي، كان نصرانيا، فجاء إلى المدينة، فأسلم، وذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قصة الجساسة والدجال، وكل هذا يحتاج