للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: "علم المنية، قد علم مني منيةُ أحدكم ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمونه، وعلم ما في غد قد علم ما أنت طاعم غدا ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث يشرف عليكم أَزِلين أَزلين مشفقين، فيظلُ يضحك، قد علم أن غِيَرَكم إلى قُرْبٍ". قال لقيط: قلتُ: لن نَعْدَمَ من ربٍّ يضحك خيرًا، "وعلم يوم السّاعة". قلت: يا رسول اللَّه! علّمنا مما تُعلِّم الناس وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدّق تصديقنا أحد، من مَذْحِج التي تربأُ علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها. قال: "تلبثون ما لبثْتُم، ثم يُتوفّى نبيُّكم، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعثُ الصّائحةُ، فلَعَمْرُ إلهك ما تدعُ على ظهرها من شيء إلّا مات، والملائكة الذين مع ربّك عز وجل، فأصبح ربُّك يطوف في الأرض، وخَلَتْ عليه البلاد، فأرسل ربُّك عز وجل السّماء تهضِب من عند العرش، فَلَعَمْرُ إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت إلا شقّتِ القبرَ عنه حتى تجعله من عند رأسه، فيستوي جالسًا، فيقولُ ربُّك: مَهْيَمْ، لما كان فيه، يقول: يا ربّ، أمس، اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه حديثًا بأهله". فقلت: يا رسول اللَّه! فكيف يجمعنا بعد ما تمزُقُنا الرّياح والبِلى والسِّباع؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء اللَّه: الأرضُ أشرفتَ عليها وهي مدرة بالية. فقلتَ: لا تحيا أبدًا. ثم أرسل اللَّهُ عليها السماء فلم تلبث عليك إلا أيامًا حتى أشرفتَ عليها وهي شَرَبةٌ واحدةٌ، ولَعَمْرُ إلهك لهو أقدرُ على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأصواء، ومن مصارعكم، فتنظرون إليه وينظر إليكم". قال: قلت: يا رسول اللَّه، وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء اللَّه عز وجل: الشّمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة ولا تضارّون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما". قلت: يا رسول اللَّه، فما يفعل بنا ربُّنا عز وجل إذا لقيناه؟ قال: "تعرضون عليه باديةً له صفحاتُكم، لا يخفى عليه منكم خافيةٌ، فيأخذُ ربُّك عزّ وجلّ بيده غَرْفَة من الماء، فينضحُ قَبِيْلَكُم بها، فَلَعَمْرُ إلهك ما تُخْطِئُ وجَه أحدكم منها قطرةٌ، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الرّيطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه مثل الحميم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيُّكم -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويفترق على أثره الصّالحون، فيسْلُكون جِسْرًا من النار، فيطأ أحدكم الجمر يقول: حَسَّ! يقول ربُّك عزّ وجلّ: أوانه، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ -واللَّه- ناهلةٍ قطّ ما رأيتها، فلعمرُ إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليها قَدَحٌ يطهره من الطَّوْف والبول والأذى، وتُحْبَسُ الشّمسُ والقمرُ، ولا ترون منهما واحدًا". قال: قلت: يا رسول اللَّه فبمَ نبصر؟ قال: "بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال". قال: قلت: يا رسول اللَّه، فبمَ نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: "الحسنة بعشرة أمثالها، والسيئة بمثلها إلا أن يعفُوَ". قال: قلت: يا رسول اللَّه، أما الجنة أما النار؟ قال: "لَعَمْرُ إلهك إنّ للنار لسبعةَ أبواب ما منهن بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين عامًا، وإنّ للجنّة لثمانيةَ أبواب ما منهن بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين

<<  <  ج: ص:  >  >>