عامًا". قلت: يا رسول اللَّه، فعلامَ نطلع من الجنة؟ قال: "على أنهار من عسل مصفى، وأنهار من كأس ما بها من صُداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمُه، وماء غير آسن، وبفاكهة، لعَمْرُ إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهّرة". قلت: يا رسول اللَّه أو لنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟ قال: "الصالحات للصّالحين تلذُّونَهُنّ مثل لذّاتكم في الدّنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد". قال لقيط: فقلت: أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟ فلم يجبه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: يا رسول اللَّه، على ما أبايعك؟ قال: فبسط النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يده وقال: "على إقام الصّلاة وإيتاء الزكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك باللَّه إلهًا غيره". قلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب؟ فقبض النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يده، وظنّ أني مشترط شيئا لا يُعطينيه. قال: قلت: نحلُّ منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه، فبسط يده، وقال: "لك ذلك تَحُلُّ حيث شئتَ، ولا يجني عليك إلا نفسُك". قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: "إنّ هذَيْن لَعَمْرُ إلهك من أتقى الناس في الأولى والآخرة". فقال له كعب بن الخدارية؛ أحدُ بني بكر بن كلاب: مَنْ هم يا رسول اللَّه؟ قال: "بنو المنتفق أهل ذلك". قال: فانصرفنا وأقبلتُ عليه، فقلت: يا رسول اللَّه، هل لأحد ممن مضى من خير في جاهليتهم؟ قال: قال رجل من عُرْضِ قريش: واللَّه إنّ أباك المنتفق لفي النّار. قال: فلكأنّه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رؤوس النّاس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول اللَّه؟ ثم إذا الأخرى أجمل، فقلتُ: يا رسول اللَّه، وأهلك؟ قال: "وأهلي لَعَمْرُ اللَّه ما أتيتَ عليه من قبر عامريّ، أو قرشيّ من مشرك قُلْ: أرسلني إليك محمّدٌ، فأبشرُكَ بما يسوؤك، تُجَرُّ على وجهك وبطنك في النّار". قال: قلت: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلّا إيّاه، وكانوا يحسبون أنهم مصلحون؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلك لأن اللَّه عز وجل بعث في آخر كلِّ سَبْع أُمم -يعني- نبيًّا، فمن عصى نبيَّه كان من الضّالين، ومن أطاع نبيَّه كان من المهتدين".
أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في مسند أبيه (١٦٢٠٦)، وفي كتابه "السنة" (١١٢٠) قال: "كتب إليَّ إبراهيم بن حمزة الزبيريّ: كتبتُ إليك بهذا الحديث، وقد عرفته وسمعته على ما كتبت به إليك، فحدِّث بذلك عني، حدّثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزاميّ، حدثني عبد الرحمن بن عياش السمعيّ الأنصاريّ القبائيّ -من بني عمرو بن عوف- عن دُلهم بن الأسود بن عبد اللَّه بن حاجب بن عامر ابن المنتفق العقيليّ، عن أبيه، عن عمّه لقيط بن عامر. قال دُلْهم: وحدثنيه ابن أبي الأسود، عن عاصم بن لقيط، أنّ لقيطًا خرج وافدًا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعه صاحب له يقال له: نُهيل بن عاصم ابن مالك بن المنتفق. قال لقيط: فخرجتُ وصاحبي حتى قدمنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة انسلاخ رجب، فأتينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في الناس خطيبًا، فقال (فذكر الحديث).
ولقيط هو أبو رزين العقيليّ.
ورواه الطبراني في الكبير (١٩/ ٢١١)، وصحّحه ابن خزيمة في التوحيد (٣٨٢)، والحاكم (٤/