منها: ما رواه ابن ماجه (١٩٢٤) وأحمد (٢١٨٥٤) والبيهقي كلهم من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن عبد اللَّه بن هرمي، عن خزيمة بن ثابت ولفظه: "إن اللَّه لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أعجازهن" وعند البعض: "أدبارهن" وحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن.
وعبد اللَّه بن هرمي هو: هرمي بن عبد اللَّه، لعله انقلب على حجاج بن أرطاة لأنه مع التدليس وصف بكثير الخطأ. به على ذلك البخاري في تاريخه (٨/ ٢٥٧) وأشار إليه البيهقي أيضًا ثم رواه من طريق المثنى بن صباح، عن عمرو بن شعيب، عن هرمي بن عبد اللَّه.
وكذلك رواه أيضًا عبد اللَّه بن علي (وهو ابن السائب) عن هرمي بن عمرو الخطمي. ومن طريقه رواه أحمد (٢١٨٦٥) والنسائي في الكبرى (٨٩٤٠) فسماه هرمي بن عمرو، لأنه اختلف في اسم أبيه وجده. فقيل هكذا وقيل غير ذلك.
وكذلك رواه أيضًا عبد اللَّه بن عمرو بن قيس الخطْمي، عن هرمي بن عبد اللَّه فذكر الحديث.
رواه البيهقي من طريق الوليد بن كثير، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحصين الخطمي عن عبد الملك بن عمرو، ثم رواه أيضًا من طريق أبن أسامة بن الهاد، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحصين، عن هرمي بن عبد اللَّه وقال: قصر به ابن الهاد، فلم يذكر فيه عبد الملك بن عمرو. ورواه ابن عيينة عن ابن الهاد فأخطأ في إسناده.
ثم رواه من طريق الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن الهاد، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه فذكر الحديث.
ونقل عن الشافعي أنه قال: غلط سفيان في حديث ابن الهاد.
قال البيهقي: مدار هذا الحديث على هرمي بن عبد اللَّه، وليس العمارة بن خزيمة فيه أصل، إلا من حديث ابن عيينة، وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ. انتهى.
قلت: وهرمي بن عبد اللَّه هذا اختلف فيه أهل العلم فقيل: كان له صحبة، وقيل هو غيره، وهما اثنان، فالراوي عن خزيمة بن ثابت ولد في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأدرك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم خزيمة بن ثابت، فقالوا: إنه مجهول، ولكنه توبع في الإسناد الأول الذي صحّحه الشافعي.
وأما الذي له الصحبة فهو غير هذا، فإنه حضر بعض المشاهد مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل تبوك وغيرها.
والخلاصة في حديث خزيمة بن ثابت أنه حديث صحيح، صحّحه الشافعي وأحمد وابن حبان وغيرهم.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٣٦٩٨): "رواه ابن ماجه واللفظ له، والنسائي في عشرة النساء بأسانيد، أحدها جيد".
وفي الباب ما رُوي أيضًا عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن".