سيرين، وسعيد بن جبير، وزيد بن أسلم، وأبو الزبير، ومنصور، عن أبي وائل، معناهم كلهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن، عن سالم، عن ابن عمر.
أما رواية الزّهريّ عن سالم ونافع، وعن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وروي عن عطاء الخراساني، عن الحسن، عن ابن عمر نحو رواية نافع والزهري، والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير. انتهى.
وقال الخطابي: "قال أهل العلم: لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا".
وكذلك قال ابن عبد البر أن قوله: "ولم يرها شيئًا" منكر، لم يقله غير أبي الزبير، وهو ليس بحجة فيما خالفه فيه مثله، فكيف بمن هو أثبت منه".
ولكن رواه أيضًا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر ما يفيد معناه - وهو أن ابن عمر طلق امرأته، وهي حائض، فردها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلقها وهي طاهر. رواه النسائي (٣٣٩٨) عن زياد بن أيوب، قال: حدّثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر فذكره.
وهذا اللفظ محتمل أن يكون بمعنى "لم يره شيئًا" كما يحتمل بمعنى المراجعة كما في سائر الروايات.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تأويل حديث أبي الزبير ليوافق سائر الروايات.
ثم إن في قوله: "فإذا طهرت فليطلق أو يمسك" أي يطلقها في الطهر الأول، فلعل هذا اختصار من بعض الرواة وقد جاء مجملا أيضًا، وهو اللفظ الثالث.
والوجه الثالث: مجمل، وهو أنه طلق امرأته وهي حائض فأمر أن يراجعها. كما في الرواية الآتية:
• عن ابن سيرين قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أنهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض. فأمر أن يراجعها. فجعلت لا أتهمهم ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلّاب يونس بن جبير الباهلي. وكان ذا ثبت فحدثني أنه سأل ابن عمر، فحدثه أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض، فأمر أن يرجعها.
قال: قلت: أفحسبت عليه؟ قال: فمه، أو إن عجز واستحمق؟
متفق عليه: رواه البخاري في الطلاق (٥٣٣٣) من طريق يزيد بن إبراهيم ومسلم في الطلاق (٧: ١٤٧١) من طريق أيوب، كلاهما عن ابن سيرين، به، واللفظ لمسلم وهو عند البخاري مختصر لم يذكر أول القصة.
وذكره البخاري معلقا (٥٢٥٣) من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: حسبت علي بتطليقة.