ومما سبق يظهر أنه لا خلاف بين أهل العلم أن الذي طلق امرأته في الحيض وجب عليه مراجعته، ثم الانتظار إلى الطهر الثاني، فإن شاء أمسكها، وإن شاء طلقها.
واختلفوا في تطليقها في الطهر الأول فذهب أبو حنيفة إلى جوازه، لأن التحريم كان لأجل الحيض، فإذا طهرت زال موجب التحريم، فجاز طلاقها في هذا الطهر كما يجوز في الطهر الذي بعده.
وعند الإمام أحمد رواية في جواز ذلك، وكذلك عند الشافعية وجه، ولكن الصحيح عنده المنع.
وقد ذكروا حكما كثيرة في تأخيره إلى الطهر الثاني منها أن لا تكون المراجعة لغرض الطلاق، فإذا أمسكها زمانا فقد يجامع فيه، ولا يجوز له أن يطلقها في طهر جامع فيه، فيتراجع عن إيقاع الطلاق أصلا.
• عن عبد الله أنه قال: طلاق السنة تطليقة وهي طاهر، في غير جماع، فإذا حاضت، وطهرت طلّقها أخرى، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم تعتد بعد ذلك بحيضة.
صحيح: رواه النسائي (٣٣٩٤) واللفظ له، وابن ماجه (٢٠٢١) كلاهما من حديث حفص بن غياث، قال: حدّثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله فذكره.
قال الأعمش: سألت إبراهيم فقال مثل ذلك.
وعند النسائي (٣٣٩٥) وابن ماجه (٢٠٢٠) كلاهما من وجه آخر عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع. وإسناده صحيح، وسفيان من قدماء أصحاب أبي إسحاق.
طلاق السنة عند الأئمة إذا توفرت فيه أربعة شروط:
١ - أن تكون طاهرا.
٢ - لم يمسها في ذلك الطهر.
٣ - أن يطلقها طلقة واحدة.
٤ - أن لا يتبعها طلاقا آخر حتى تنقضي العدة.
اختلف في الشرط الرابع فقال أهل الكوفة مستدلين بقول ابن مسعود: طلاق السنة أن يطلقها في كل قرء طلقة.
وقال الإمام أحمد: "طلاق السنة واحدة، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيضات. وكذلك قال مالك والشافعي.
وقالوا: تلك هي العدة التي أمر الله تعالى تطلق فيها النساء بقوله سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١].
ويظهر الخلاف بين القولين أن المطلقة تكون بائنة إذا انقضى الطهر الثاني عند أصحاب القول الأول، بخلاف القول الثاني فإنها تكون بائنة بعد انقضاء الحيضة الثالثة. وفي الموضوع كلام كثير